والمروي أيضاً : «مجاري الأُمور والأحكام على أيدي العلماء بالله ، والأُمناء على حلاله وحرامه» (١) ، والمرسل على أفواه العلماء : «علماءُ أمّتي كأنبياء بني إسرائيل» (٢).
ثمّ إنّ عدم الدّلالة على عموميّة وشمولية الولاية يمكن استفادته من أُمور :
الأوّل : إنّ تعليق الحكم على عنواني النبيّ والرّسول ، دالّ على أنّ الفقهاء وسائط بين الله والنّاس في تبليغ أحكامه وأوامره ونواهيه ، لا أنّهم كالأنبياء في جميع الجهات ، فالثابت لهم هو ما يرجع إلى الأنبياء في شئون التبليغ وبيان الحلال والحرام.
الثاني : إنّ هذه الأدلة ، وردت في تشخيص من تكون بيده مجاري الأمور ، لا في تشخيص الأمور الجارية وما يجوز وما لا يجوز ، وبعبارة أُخرى : لا إطلاق فيها من هذه الجهة ، وعليه فالولاية للفقيه إنّما هي في الأُمور التي لا محيص عنها في المجتمع الإسلامي وقد أحرز الجواز قطعاً ، وبالجملة : الأمور الحسبيّة التي لا يرضى الشارع بإهمالها وتركها ، كالقضاء والمحافظة على مال الصّغير واليتيم وثغور المسلمين ، ممّا ثبت وجوب مراعاتها ، ولم يعيّن لها أحد.
هذا ولو شكّ في جواز أمر ما للمجتهد ـ وإن جاز للنبي والإمام ـ فلا يمكن ثبوته له ، بل نحتاج إلى الدّليل على ذلك.
الثالث : إنّه على تقدير تسليم عمومها ، لا بدّ من تنزيلها على أُمور معهودة ،
__________________
(١) المستدرك : ١٧ / ٣١٦ ح ١٦ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي.
(٢) بحار الأنوار : ٢ / ٢٢ ح ٦٧ ، كتاب العلم.