القضاء والسّؤال من سائر العارفين بالقضاء ، فإنّ الرّأي الصادر منه بعد المشاورة أقرب إلى الحقّ وألصق بالواقع ، وحقّ الرّأي إنمّا هو للمنصوب فقط هذا.
وينبغي التّنبيه على أمور :
الأوّل : إذا قلنا بسقوط شرطيّة الاجتهاد ، فيقتصر على العامّي الذي ينصبه المجتهد لا لأجل وجود الدّليل على الشرطية ـ (لما عرفت من عدم جواز نصب العامّي للقضاء حال الاختيار) ـ بل لاحتمال مدخليّة نصب المجتهد في هذه الحالة دفعاً للهرج والمرج وحفظاً لنظام القضاء مع الإمكان.
الثاني : إذا نصب المجتهد العاميّ العارف بالقضاء له في زمان كان الرّجوع إلى المجتهد موجباً للعسر والحرج ، فهل يختصّ قضاؤه بخصوص ما لو كان مناط الرجوع موجوداً أو يعمّه وما إذا كان الرّجوع إليه سهلاً يسيراً؟ هنا وجهان ، والحكم النّابع من العسر والحرج ، يدور مدارهما فلو كان رفع الشكوى إلى المجتهد سهلاً ، لكان عليه إرجاع المتداعيين إلى المجتهد وإلّا فيباشر بنفسه ، وتظهر الحقيقة إذا وقفنا على أنّ العسر والحرج الرّافعين لفعلية الحكم الأوّلي ، منوطان بالعسر والحرج الشخصيّين لا النوعيّين ، ويمكن أن يقال : إنّ تحديد القضاء بوجود العسر الشخصيّ وعدم كفاية العسر النوعيّ ، يوجد الغموض في أمر القضاء وربمّا يزيد في العسر والحرج ، والأوّل أحوط والثاني أقوى ، خصوصاً مع وجود نظام قضائيّ ، يعمل فيه أشخاص كثيرون ، لا يمكن تعليق أمرهم يوماً دون يوم.
الثالث : إذا نصب المجتهد العاميّ للقضاء ، يجب عليه العمل بحسب ما يقتضيه تقليده في موازين القضاء ، وليس له أن يتدخّل في ترجيح الآراء بعضها على بعض ، وتقديم المشهور على الشّاذ إذا كان فتوى مقلّده مطابقة للثاني ، أو ترجيح ما يؤيّد بعض الظنون على الآخر لأنّ كلّ ذلك من وظائف أصحاب النّظر ومن كلّفوا به.