على وكالة في أمر من الأُمور ، وأشهد له بذلك شاهدين ، فقام الوكيل فخرج لإمضاء الأمر فقال : اشهدوا أنّي قد عزلت فلاناً عن الوكالة. فقال (عليهالسلام) «إن كان الوكيل أمضى الأمر الّذي وكّل فيه قبل العزل فإن الأمر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل ، كره الموكَّل أم رضي» قلت : فإنّ الوكيل أمضى الأمر قبل أن يعلم العزل أو يبلغه أنّه قد عزل عن الوكالة فالأمر على ما أمضاه؟! قال (عليهالسلام) : «نعم» قلت له : فإن بلغه العزل قبل أن يمضي الأمر ثمّ ذهب حتّى أمضاه لم يكن ذلك بشيء؟ قال (عليهالسلام) : «نعم أنّ الوكيل إذا وكِّل ثمّ قام عن المجلس فأمره ماض أبداً ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلِّغه أو يشافهه بالعزل عن الوكالة» (١).
وهذه الرّواية كسابقتها ليست بصدد بيان أنّ الوكالة في كلِّ أمر ماض ، وإنّما هي بصدد بيان نفوذ ومضيّ الوكالة في كلِّ ما وكِّل ، وصحة الوكالة ما لم يبلّغ العزل بثقة كما هو واضح. فإذا شككنا في أنّ القضاء يقبل الوكالة أو لا ، فلا يمكن التمسّك بأمثال هذه الرّوايات لما ذكرناه ، وعليه فلا دليل على صحّة التوكيل في القضاء (٢).
__________________
(١) الوسائل : ١٣ / ٢٨٦ ح ١ ، الباب ٢ من كتاب الوكالة.
(٢) ثمّ إنّ السيّد الطّباطبائي (رضي الله عنه) نقل عن المسالك دليلاً على عدم الجواز عن المسالك ـ ولم نعثر عليه فيها ـ حاصله : أنّه يشترط في القاضي كونه مجتهداً ومعه لا فرق بين النائب والمنوب عنه في ثبوت الولاية له في القضاء فلا معنى لكون أحدهما وكيلاً عن الآخر ، نظير توكيل أحد الوليّين أو الوكيلين أو الوصيّين للآخر فكما أنّه لغو ، كذلك في المقام. (ملحقات العروة ـ كتاب القضاء : ١ / ١٠ ، ط. النجف ـ ١٣٣١ ه ـ.
يلاحظ عليه : أنّ ذلك خلط بين النصب والوكالة ، فبما أنّ المنصوب مستقلّ في عمله يشترط فيه ما يشترط في النّاصب ، وهذا بخلاف الوكالة فإنّ الوكيل يقوم بنفس عمل الموكّل ، فكأنّ المجتهد يقضي بواسطة وكيله ، فيكفي وجود الشرط فيه من دون لزوم وجود شرط خاصّ في الوكيل سوى الشروط العامّة في مطلق الوكالة.
فالحقّ عدم جواز الوكالة منه ، لعدم ثبوت كون القضاء ممّا يقبل الوكالة ، ولم يدلّ دليل عليه ، لا من العرف ولا غيره. (منه حفظه الله).