للاجتهاد.
وهنا كلام للغزالي في هذا المجال لا بأس بالتعرّض له ، وضعفه يظهر بما ذكرنا ، قال : «يجب على المجتهد في كلّ مسألة أن يردّ نظره إلى النّفي الأصلي قبل ورود الشرع ، ثمّ يبحث عن الأدلّة السمعيّة المغيّرة ، فينظر أوّل شيء في الإجماع ، فإن وجد في المسألة إجماعاً ترك النظر في الكتاب والسنّة ، فإنّهما يقبلان النسخ ، والإجماع لا يقبله ، فالإجماع على خلاف ما في الكتاب والسنّة دليل قاطع على النسخ ، إذ لا تجتمع الأُمّة على الخطأ ، ثمّ ينظر في الكتاب والسنّة المتواترة وهما على رتبة واحدة ، لأنّ كلّ واحد يفيد العلم القاطع ، ولا يتصوّر التعارض في القطعيات السمعيّة إلّا بأن يكون أحدهما ناسخاً ، فما وجد فيه نصّ كتاب أو سنّة متواترة ، أخذ به ، وينظر بعد ذلك إلى عمومات الكتاب وظواهره ، ثمّ ينظر في مخصصات العموم من أخبار الآحاد ومن الأقيسة ، فإن عارض قياس عموماً أو خبر واحد عموماً فقد ذكرنا ما يجب تقديمه منها ، فإن لم يجد لفظاً نصّاً ولا ظاهراً ، نظر إلى قياس النّصوص ، فإن تعارض قياسان أو خبران أو عمومان ، طلب الترجيح كما سنذكره ، فإن تساويا عنده توقف على رأي وتخيّر على رأي آخر» (١).
فالترتيب لديه يتمّ على النّحو التالي :
الأوّل : مقتضى قاعدة نفي التشريع قبل ورود الشرع.
الثاني : الأدلة المخالفة لهذا الأصل في هذا المورد بخصوصه.
وهنا يرجع أوّلاً إلى الإجماع ، فإن وجد كفى الأمر ، وإلّا يرجع ثانياً إلى النصوص المتواترة لفظاً وسنداً كالكتاب في نصوصه والسنّة المتواترة في نصوصها التي لا تقبل الخلاف.
__________________
(١) المستصفى : ٢ / ٣٩٢ و ٣٩٣.