وهؤلاء هم المؤثّمة (١).
وعلى ضوء ذلك : فالمراد من التصويب هو نفي القول بالإثم الذي أصرّ عليه بشر المريسي ، لا إصابة كلّ مجتهد للحقّ الملازم لنفي الحكم المشترك ، وكيف يمكن نسبة القول بالتصويب بمعنى نفي حكم الله في الواقعة مع أنّهم رووا في كتبهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا أخطأ فله أجر (٢).
وممّن جزم بذلك الشوكاني فقال : «إنّ المجتهد لا يأثم بالخطإ بل يؤجر على الخطأ بعد أن يوفي الاجتهاد حقّه ، ولم نقل : إنّه مصيب للحق الذي هو حكم الله في المسألة ، فإنّ هذا خلاف ما نطق به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحديث حيث قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر.
فقسّم ما يصدر عن المجتهد في الاجتهاد في مسائل الدّين إلى قسمين : أحدهما ، هو مصيب فيه ، والآخر هو مخطئ ، فكيف يقول قائل : إنّه مصيب للحق
__________________
(١) قال الغزالي في المستصفى : ٢ / ٣٦١ : ذهب بشر المريسي إلى أن الإثم غير محطوط عن المجتهدين في الفروع ، بل فيها حقّ معين وعليه دليل قاطع ، فمن أخطأه فهو آثم كما في العقليات ، لكن المخطئ قد يكفّر كما في أصل الإلهيّة والنبوّة ، وقد يفسّق كما في مسألة الرؤية وخلق القرآن ونظائرها ، وقد يقتصر على مجرّد التأثيم كما في الفقهيات وتابعه على هذا من القائلين بالقياس ابن عليّة وأبو بكر الأصمّ ووافقه جميع نفاة القياس ومنهم الإمامية.
وقال الآمدي في إحكامه : ٤ / ١٨٨ ـ ١٨٩ : «وذهب بشر المريسي وابن عليّة وأبو بكر الأصمّ ونفاة القياس كالظاهريّة والإمامية إلى أنّه ما من مسألة إلّا والحقّ فيها متعيّن ، وعليه دليل قاطع ، فمن أخطأه فهو آثم غير كافر ولا فاسق.
(٢) أخرجه البخاري : ٤ / ٢٦٨ ومسلم : ٣ / ١٢٢ وأبو داود : ٣ / ٣٠٧ ورواه الحاكم في المستدرك : ٤ / ٨٨ عن طريق عمرو بن العاص.
ورواه الشافعي في الأُمّ : ١ / ٢٠٣. وقال الشيخ الأنصاري (رضي الله عنه) في رسائله : ١ / ١٠ : «وقد اشتهر أنّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجراً واحداً.