الأزمنة والأمكنة ، وسيوافيك معنى الأحكام الأوّلية الثانوية عند البحث عن مدخليّة عنصر الزّمان والمكان في الاجتهاد ، كما أنّها على قول الفرقة الثانية أشبه بالأحكام الظاهرية التي توافق الواقع تارة وتخالفه أُخرى ، فعند الموافقة يكون المؤدّى نفس الواقع وعند المخالفة لا يكون مأموراً بإصابته.
ولمّا كان القول بإنكار الحكم الإلهيّ في الوقائع التي لا نص فيها ، يحبط من جامعيّة الإسلام في مجال العقيدة والشريعة ، حاول بعض أهل السنّة تفسير التصويب بمعنى لا يخالف ذلك ، ومجمل ما أفاد : إنّ القول بالتّصويب ليس بمعنى نفي حكم الله في الواقع ، وإنّ حكم الله تابع لرأي المفتي ، بل هو في قبال القول بالتأثيم وأنّ المجتهد إذا أخطأ يأثم ، فصار القائل بالتصويب ـ بردّ ذلك المتقدّم ـ يعني نفي الإثم لا إصابة الواقع ، فعليه يصير النزاع في التصويب والتخطئة لفظياً ، وإليك توضيحه :
إنّ أهل السنّة في مجال فتوى المفتي على طوائف :
الأُولى : إنّ المجتهد لم يكلّف بإصابة الواقع لخفائه وغموضه فلذلك لم يكن مأموراً به.
الثانية : أمر المجتهد بطلبه وإذا أخطأ لم يكن مأجوراً لكن حطَّ الإثم عنه تخفيفاً.
الثالثة : إنّ المجتهد الذي أخطأ الدّليل القطعيّ آثم غير فاسق ولا كافر ، وهذا قول بشر المريسي ، ونسبه الغزالي والآمدي إلى ابن عليه (١) وأبي بكر الأصمّ ،
__________________
(١) إسماعيل بن إبراهيم ، له مناظرات مع الشافعيّ ، ولد سنة ١٥١ ه ـ وتوفّي عام ٢١٨ ه ـ (منه حفظه الله).