وشراء التنباك أمر محلّل في الشرع ، والحكمان من الأحكام الأوّلية ولم يكن أيّ تزاحم بينهما إلّا في فترة خاصة عند ما أعطى الحاكم العرفيّ امتيازاً للشّركة الأجنبية ، فصار بيعه وشراؤه بيدها ، ولمّا أحسّ الحاكم الشرعيّ آنذاك ـ السيد الميرزا الشّيرازي (قدسسره) ـ انّ استعماله يوجب انشباب أظفار الكفّار على هيكل المجتمع الإسلامي ، حكم (قدسسره) بأنّ استعماله بجميع أنواع الاستعمال في هذه الفترة كالمحاربة مع وليّ العصر (عليهالسلام) (١) فلم يكن حكمه نابعاً إلّا من تقديم الأهمّ على المهمّ أو من نظائره ، ولم يكن الهدف من الحكم إلّا بيان أنّ المورد من صغريات حفظ مصالح الإسلام واستقلال البلاد ، ولا يحصل إلّا بترك استعمال التّنباك بيعاً وشراءً وتدخيناً وغيرها ، فاضطرّت الشّركة حينئذ إلى فسخها.
الثاني : إنّ حفظ النفوس من الأُمور الواجبة ، وتسلّط النّاس على أموالهم وحرمة التصرّف في أموالهم أمر مسلّم في الإسلام أيضاً ، إلّا أنّ حفظ النفوس ربّما يتوقّف على فتح الشوارع في البلاد داخلها وخارجها ولا يحصل إلّا بالتصرّف في الأراضي والأملاك ، فلو استعدّ مالكها بطيب نفس منه فهو وإلّا فللحاكم في المقام دور وهو ملاحظة الأهمّ بتقديمه على المهمّ فيقدّم الحكم الأوّل وهو حفظ النفوس على الثاني ، ويحكم بجواز التصرّف بلا إذن ، غاية الأمر يضمن لصاحب الأراضي قيمتها السوقية.
الثالث : إنّ إشاعة القسط والعدل ممّا ندب إليه الإسلام وجعله غاية لبعث الرّسل ، قال سبحانه : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (الحديد ـ ٢٥).
__________________
(١) عام ١٨٩١ م وحكمه كالتالي : بسم الله الرّحمن الرحيم : «اليوم استعمال التنباك والتتن ، بأي نحو كان ، بمثابة محاربة إمام الزمان (عجّ)».