أو كان جزء ماله أضيفا |
|
أو مثل جزئه فلا تحيفا |
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تنزيه لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ عن أى لون من ألوان الإشراك بالله ـ تعالى ـ.
أى : وما كان إبراهيم ـ عليهالسلام ـ من المشركين مع الله ـ تعالى ـ آلهة أخرى لا في عقيدته ولا في عبادته ولا في أى شأن من شئونه.
وفي ذلك رد على المشركين الذين زعموا أنهم على ملة ابراهيم ، ورد ـ أيضا ـ على اليهود والنصارى الذين زعموا أن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كان على ملتهم.
قال ـ تعالى ـ : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١).
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ حقيقة عقيدة إبراهيم ، ومدحه بجملة من الصفات الجليلة ، وبين جانبا من مظاهر فضله ـ سبحانه ـ عليه ، أتبع ذلك ببيان أن تحريم العمل في يوم السبت أمر خاص باليهود ، ولا علاقة له بشريعة إبراهيم أو بشريعة محمد صلىاللهعليهوسلم فقال ـ تعالى ـ : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ ...).
والمراد بالسبت : اليوم المسمى بهذا الاسم ، وأصله ـ كما يقول ابن جرير ـ الهدوء والسكوت في راحة ودعة ، ولذلك قيل للنائم مسبوت لهدوئه وسكون جسده واستراحته ، كما قال ـ جل ثناؤه ـ : (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) أى : راحة لأبدانكم .. (٢).
والكلام على حذف مضاف ، والمعنى : إنما جعل تعظيم يوم السبت ، والتخلي فيه للعبادة ، (عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) وهم اليهود ، حيث أمرهم نبيهم موسى ـ عليهالسلام ـ بتعظيم يوم الجمعة ، فخالفوه واختاروا السبت.
قال الجمل ما ملخصه : قوله ـ سبحانه ـ : (عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) أى : خالفوا نبيهم ، حيث أمرهم : أن يعظموا يوم الجمعة بالتفرغ للعبادة فيه ، وشدد عليهم بتحريم الاصطياد فيه : فليس المراد بالاختلاف أن بعضهم رضى ، وبعضهم لم يرض ، بل المراد به امتناع الجميع ـ حيث قالوا لا نريد يوم الجمعة ، واختاروا السبت.
ثم قال : وفي معنى الآية قول آخر. قال قتادة : إن الذين اختلفوا فيه هم اليهود ، حيث استحله بعضهم وحرمه بعضهم ، فعلى هذا القول يكون معنى قوله (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ ..).
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ٦٧.
(٢) تفسير ابن جرير الطبري ج ١ ص ٣٢٧.