ذلك الإشارة بقوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم إن الخير بيديك والشر ليس إليك» (١).
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) (٢).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) (٣).
ثم بين ـ سبحانه ـ أنه لا يخفى عليه شيء من أحوال الناس وأعمالهم فقال : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً).
والتنوين في قوله (كُلٌ) عوض عن المضاف إليه. أى : كل فرد.
وقوله : (شاكِلَتِهِ) : أى : طريقته ومذهبه الذي يشاكل ويناسب حاله في الهداية أو الضلالة. مأخوذ من قولهم : طريق ذو شواكل ، وهي الطرق التي تتشعب منه وتتشابه معه في الشكل ، فسميت عادة المرء بها ، لأنها تشاكل حاله.
قال القرطبي قوله (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) قال ابن عباس : على ناحيته. وقال مجاهد : على طبيعته.
وقال قتادة : على نيته وقال ابن زيد : على دينه. وقال الفراء : على طريقته ومذهبه الذي جبل عليه ..
وقيل : هو مأخوذ من الشكل. يقال : لست على شكلي ولا شاكلتى. فالشكل : هو المثل والنظير ، كقوله ـ تعالى ـ : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ).
والشكل ـ بكسر الشين ـ الهيئة. يقال : جارية حسنة الشكل. أى الهيئة. وهذه الأقوال كلها متقاربة (٤).
والمعنى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ للناس : كل واحد منكم ـ أيها الناس ـ يعمل على شاكلته وطريقته التي تشاكل حاله ، وتناسب اتجاهه ، وتتلاءم مع سلوكه وعقيدته ، فربكم
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٤٧.
(٢) سورة فصلت الآية ٤٩.
(٣) سورة الروم الآية ٣٦.
(٤) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٣٢٢.