وفضلا عن كل ذلك فإن الحديث الذي رواه الإمام مسلم عنهم ، صريح في أن خروجهم سيكون من علامات الساعة ، والله ـ تعالى ـ أعلم.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما أعده للكافرين من عذاب يوم القيامة فقال : (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً ، الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً).
وقوله : (وَعَرَضْنا) .. أى : أظهرنا وأبرزنا يقال : عرض القائد جنده إذا أظهرهم ليشاهدهم الناس.
أى : جمعنا الخلائق يوم البعث والنشور جمعا تاما كاملا. وأبرزنا وأظهرنا جهنم في هذا اليوم للكافرين إبرازا هائلا فظيعا ، حيث يرونها ويشاهدونها بدون لبس أو خفاء ، فيصيبهم ما يصيبهم من رعب وفزع عند مشاهدتها.
وتخصيص العرض بهم ، مع أن غيرهم ـ أيضا ـ يراها ، لأنها ما عرضت إلا من أجلهم ، ومن أجل أمثالهم ممن فسقوا عن أمر ربهم.
ويرى بعضهم أن اللام في «للكافرين» بمعنى على ، لأن العرض يتعدى بها ، قال ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ..) وقال ـ سبحانه ـ : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا ...).
ثم وصفهم ـ سبحانه ـ بما يدل على استحقاقهم دخول النار فقال : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي).
أى : أبرز جهنم في هذا اليوم العصيب للكافرين الذين كانت أعينهم في الدنيا في «غطاء» كثيف وغشاوة غليظة ، «عن ذكرى» أى : عن الانتفاع بالآيات التي تذكرهم بالحق ، وتهديهم إلى الرشاد ، بسبب استحواذ الشيطان عليهم.
وفي التعبير بقوله : (غِطاءٍ) إشعار بأن الحائل والساتر الذي حجب أعينهم عن الإبصار ، كان حائلا شديدا ، إذ الغطاء هو ما يغطى الشيء ويستره من جميع جوانبه.
والمراد بالذكر : القرآن الكريم ، أو ما يشمله ويشمل كل ما في الكون من آيات يؤدى التفكر فيها إلى الإيمان بالله ـ تعالى ـ.
وقوله : (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) صفة أخرى من صفاتهم الذميمة ، أى : وكانوا في الدنيا ـ أيضا ـ لا يستطيعون سمعا للحق أو الهدى ، بسبب إصرارهم على الباطل ، وإيغالهم في الضلال والعناد ، بخلاف الأصم فإنه قد يستطيع السماع إذا صيح به.