الدنيا ، هذا طلب الآخرة» (١).
ونختم هذا البحث بكلام لأمير المؤمنين في الخطبة ٢٠٩ من نهج البلاغة حيث يقول عند ما دخل مع جماعة لعيادة «العلاء بن زياد الحارثي» وهو من الشخصيات المعروفة في البصره ومن أصحاب الإمام حيث كان قد اشترى داراً وسيعة فقال له الإمام «مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَةِ هَذِهِ الدَّارِ فِي الدُّنْيَا وَانْتَ الَيْهَا فِي الْآخِرَةِ كُنْتَ احْوَجُ».
ثمّ إنّ الإمام أكمل كلامه بهذه العبارة «وَبَلَى انْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الْآخِرَةَ تُقْرِىَ فِيهَا الضَّيْفَ ، وَتَصِلُ فِيهَا الرَّحِمَ ، وَتُطْلِعُ مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا ، فَإذَا أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا الْآخِرَةَ» (٢)
النتيجة : هي أنّ المواهب المادية والدنيوية متى ما أصبحت وسيلة للوصول إلى الكمال المعنوي وبناء الآخرة ومساعدة الضعفاء وحماية المحرومين وترويج وتقوية دعائم الحقّ والعدالة فليس هناك أفضل منها ، وإذا سلك بها الإنسان في مسير الذنوب والحرص والتكاثر بدون ملاحظة الحلال والحرام فليس هناك شيء أسوء منها ، أجل فمثل هؤلاء الناس من أتباع الدنيا الّذين يتحركون في استخدام هذه النعم والمواهب في طريق اشباع الغرائز المادية فإنّهم يجمعون في واقعهم النفساني مجموعة من الصفات الرذيلة والرغبات القبيحة والدنيئة.
ويروي أحد أصحاب الإمام علي بن موسى الرضا ويُدعى محمّد بن إسماعيل بن بزيغ حيث يقول : سمعت من الإمام الرضا أنّه قال : «لَا يَجْتَمِعُ الْمَالُ الّا بِخِصَالٍ خَمْسٍ بِبُخْلٍ شَدِيدٍ وَامَلٍ طَوِيلٍ وَحِرْصٍ غالبٍ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَايثَارِ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ» (٣).
__________________
١ ـ وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ١٩ ، باب استحباب جمع المال من الحلال ... ، ح ٣.
٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٢٠٩.
٣ ـ وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ١٩ ، ح ٤.