النفاق في واقع الإنسان.
وقد سبق وإن ذكرنا في الأبحاث الماضية الحديث القدسي الشريف حيث خاطب الله تعالى نبيه زكريا وقال : «الحاسد عدوّ لنعمتي ، متسخّط لقضائي ، غير راضٍ لقسمتي الّتي قسمت بين عبادي».
الثالث : من الآثار السلبيّة والنتائج المضرة للحسد هو انه يسدلّ على عقل الإنسان وبصيرته حجاباً سميكاً يمنعه من إدراك حقائق الامور ومعرفة الواقعيات ، لأن الحسود لا يستطيع أن يرى نقاط القوّة في المحسود حتّى لو كان استاذاً كبيراً ومصلحاً اجتماعياً جليلاً بل انه يبحث دائماً عن نقاط ضعفه وعيوبه ، وأحياناً يرى نقاط قوّته بمنظار نقاط ضعفه ويشاهد ايجابياته من موقع النظر السلبي ، ولهذا السبب قال أمير المؤمنين عليهالسلام «الْحَسَدُ حَبْسُ الرُّوحِ» (١) فإنّ الإنسان يحبس روحه في حالة الحسد عن إدراك حقائق الامور.
الرابع : من أضرار الحسد هو انه يسلب الإنسان اصدقائه ورفاقه ، لأن كلّ فرد من الأفراد يتمتع بنعمه أو نعم خاصّة قد لا تكون لدى الآخرين ، فلو عاش الإنسان هذه الحالة الرذيلة وهي الحسد بالنسبة إلى ما يراه من نعمة على الآخرين فانه سيحسد جميع الناس ، وهذا الأمر يتسبّب في أن يبتعد الناس عنه ويعمل على تمزيق روابط المحبة والمودة معهم.
والشاهد على هذا الكلام ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «الْحَسُودُ لَا خُلَّةَ لَهُ» (٢).
الخامس : من الآثار السيئة للحسد هي انّ الحسد يمنع الإنسان من الوصول إلى المقامات العالية والمراتب السامية في حركة التكامل الأخلاقي والمعنوي والاجتماعي ، بحيث إنّ الشخص الحسود لا يستطيع أبداً أن يحصل على منصب خطير من المناصب والمقامات الاجتماعية ، لأنّه بحسده هذا سيعمل على تفريق الآخرين وإبعادهم من حوله ، والشخص الّذي تقوى فيه القوّة الدافعة لا ينال مرتبة عالية في الدائرة الاجتماعية.
__________________
١ ـ شرح غرر الحكم ، ح ٣٧١.
٢ ـ شرح غرر الحكم ، ح ٨٨٥.