«الآية السابعة» تتحدّث عن أهل النار الّذين يعيشون العذاب والظلمة الشديدة يوم القيامة في حين يعيش المؤمنون بنور الإيمان ويردون عرصات المحشر مسرعين ، فيناديهم هؤلاء المنافقون وأهل النار : (يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)(١).
ثمّ تقول الآية الّتي بعدها بصراحة انه يُقال لهم «فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الّذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير».
وهنا يتجلّى بصورة واضحة أنّ أحد الصفات البارزة لهؤلاء المنافقين من أهل النار هي الغرور والابتلاء بحبال الأماني الطويلة والتوهمات الزائفة في حركة الحياة الدنيوية.
وكما ذكرنا في بداية البحث أنّ كلمة (غَرور) تتضمن معنى الخداع والمكر ، ولكن أحياناً يخدع الإنسان نفسه أيضاً ويكون مغروراً بذلك ، وأحياناً اخرى ينخدع بوساوس الشيطان أو الأفراد الّذين يعيشون حالة الشيطنة والمكر.
«الآية الثامنة» تتحدّث عن المنافقين المغرورين في هذه الدنيا وكيف أنّهم ينظرون إلى فقراء المؤمنين الحقيقيين من موقع الحقارة والازدراء ويتظاهرون أمامهم بالثروة والمال حيث تقول الآية متحدّثة عنهم وعن حالة الغرور المسيطرة عليهم (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ)(٢).
ثمّ يصل بهم الغرور إلى ذروته بحيث يصرّحون بأنه إذا رجعنا من ميدان الحرب إلى المدينة فسوف نُثبت لهؤلاء الفقراء والمعدمين مَن نحنُ «يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ
__________________
١ ـ سورة الحديد ، الآية ١٤.
٢ ـ سورة المنافقون ، الآية ٧.