دوّامة الذنوب والشقاء والتعاسة ، والقرآن الكريم يُخبرنا بخبر إعجازي عن إنهزام هؤلاء المغرورين وسرعان ما تلحق بهم الهزيمة والدمار ويكونون عبرة للآخرين.
«الآية الحادي عشر» تتحدّث عن المشركين الّذين اتخذوا الدين السماوي لعباً ولهواً بسبب الغرور الّذي أصابهم والّذي ادّى بهم إلى الكفر والعناد مع الحقّ فتقول الآية (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ...)(١).
ولعلّ هذا التعبير يشير إلى أنّ هؤلاء لا يقبلون الهداية وغير جديرين بها ، لأن الغرور قد اسكرهم إلى درجة أنّهم خُدعوا بزخارف الدنيا وبريقها المادي ، فهم لا يجدون في أنفسهم استعداداً للتسليم والإذعان للحقّ ولا يواجهون الحقّ إلّا على مستوى السخرية والاستهزاء ، وهذا يعني عمق الفاجعة الّتي تورطوا فيها بسبب غرورهم وعُجبهم.
وعبارة (دينهم) هي إشارة إلى فطرية الدين الإلهي حيث يشترك فيه جميع أفراد البشر حتّى المشركين ، أو هو إشارة إلى الأشخاص الّذين اتخذوا دينهم الوثني سخرية بسبب الغرور ، فلا يجدون في أنفسهم إلتزاماً بأحكام الوثنية ولا يتحركون مع الأوثان من موقع الانضباط والالتزام ، أو إشارة إلى الدين الإسلامي الّذي أنزله الله تعالى من أجلهم ولمصلحتهم.
«الآية الثانية عشر» تتحرّك من موقع التحذير لجميع الناس بأن لا ينخدعوا بالحياة الدنيا وبزخارفها ولا يغتروا بجمالها المادي ولا يقعوا في مصائد الشيطان وتقول «يا أَيُّهَا النَّاسُ .... إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ» (٢).
واللطيف أنّ هذه الآية ذكرت من أسباب الغرور سببين : أحدهما زخارف الدنيا ، والثاني الشيطان ، وهذا التعبير يدلّ على أنّ الإنسان أحياناً يغتر بالأوهام وبالتصورات الواهية بدون
__________________
١ ـ سورة الأنعام ، الآية ٧٠.
٢ ـ سورة لقمان ، الآية ٣٣.