الأعمال الصالحة يتملكهم الشعور بالغرور بسبب ضيق افقهم وصغر نفوسهم فيتصوّرون أنّهم من أهل النجاة والسعادة ويرون سائر الناس بمنظار الإستهانة والتصغير ، وهذا قد يؤدي بهم إلى الهلاك والسقوط في وادي الضلالة والانحراف.
وأحد العوامل الاخرى للغرور هو أن يغتر الإنسان بلطف الله وكرمه ومغفرته ، حيث نجد بعض الأشخاص يرتكبون الذنوب بجرأة وبدون أيّ تردّد ، وعند ما يُسأل منهم عن سبب ارتكابهم لهذه الأعمال القبيحة ، يقولون : الله كريم وغفور ورحيم ، فنحن نعرف أنّ الله أكبر وأسمى من أن يؤاخذ بهذه الذنوب ويعاقبنا بسبب هذه التصرفات ، وأساساً فنحن لو لم نُذنب فلا معنى لعفو الله ومغفرته.
إنّ مثل هذه الأفكار المنحرفة والكلمات غير المنطقية تزيد من جرأتهم على ارتكاب الذنوب وبالتالي تؤدي بهم إلى السقوط والهلاك.
ولهذا نجد أنّ القرآن الكريم والروايات الإسلامية قد ذمّت هذا النوع من الغرور بشدّة ونهت عنه نهياً مؤكداً كما نقرأ في الآية السادسة من سورة الإنفطار قوله تعالى «يَا ايُّهَا الْانْسَانُ مَا غَرَّكَ بِربِّكَ الْكَرِيمِ».
ويقول أمير المؤمنين عليهالسلام في تفسير هذه الآية الكريمة «يَا ايُّهَا الْانْسَانُ مَا جَرَّأَكَ عَلَى ذَنْبِكَ؟ وَمَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ؟ وَمَا انَّسَكَ بِهَلَكَةِ نَفْسِك؟!» (١)
وفرق بين الشخص الّذي يرتكب الذنب ولكنه مع ذلك يعيش الجرأة ولا يجد في نفسه غضاضة لذلك وكأنه يطلب الله شيئاً ، وبين الشخص الّذي يرتكب الذنب ولكنه يعيش الخجل والندم ويأمل أن يشمله الله تعالى برحمته وعطفه ، فالأوّل قد ركب مَطِيّة الغرور ، والثاني هو المتّصل بحبلٍ من الله ولطفه والأمل برحمته الواسعة.
ومن العوامل والأسباب الاخرى للغرور هو الجهل وعدم الإطلاع والمعرفة ، كما أنّ العلم والمعرفة أحياناً يكون سبباً للغرور ، فكذلك عدم المعرفة أيضاً قد يسبب الغرور في الكثير من الأشخاص الجهّال ، ولذلك ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٣.