أمير المؤمنين عليهالسلام : «مَنْ ايْقَنَ انَّهُ يُفَارِقُ الْاحْبَابَ وَيَسْكُنُ التُّرَابَ وَيُوَاجِهُ الْحِسَابَ وَيَسْتَغْنِي عَمَّا خَلَّفَ ، ويَفْتَقِرُ الَى مَا قَدَّمَ كَانَ حَرِيّاً بِقَصْرِ الْامَلِ وَطُولِ الْعَمَلِ» (١).
وجاء في حديث آخر عن هذا الإمام أيضاً : «اتَّقُوا خِدَاعَ الْآمَالِ ، فَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلِ يَوْمٍ لَمْ يُدْرِكْهُ ، وَبَانِي بَنَاءٍ لَمْ يَسْكُنْهُ ، وَجَامِعِ مَالٍ لَمْ يَأْكُلْهُ» (٢).
وأحياناً يكون الجهل بالآخرة والثواب العظيم الخالد الّذي أعدّه الله للمؤمنين سبباً في أن يتصور الإنسان الخلود لهذه الحياة الدنيا ويغرق في الأوهام والتمنيات والآمال الدنيوية وأحياناً يتسبب جهله بالسعادة الكامنة في الزهد والتحرر من أسر الشهوات والنوازع الدنيوية إلى أن يُحرق نفسه بنار طول الأمل.
وقد ورد في الحديث عن الإمام الباقر عليهالسلام قوله : «اسْتَجْلِبْ حَلَاوَةَ الزَّهَادَةِ بِقَصْرِ الْامَلِ» (٣).
وأحياناً يغفل الإنسان عن قدرة الله تعالى وينسى هذه الحقيقة الحاسمة في واقع الحياة أو يكون جاهلاً بها ولا يعلم أنّ الله تعالى ومنذ انعقاد نطفته في رحم امّه فإنه بعين الله ومحطُّ عنايته ورعايته في كلّ اموره في حين انه كان يعيش الضعف بمنتهاه ولا تصل إليه يد أحد من الناس لتُعينه وتوصل إليه رزقه في ظلمات الرحم ، وتستمر عناية الله به إلى آخر حياته ، وكذلك حال أولاده إذا كانوا يسيرون في خط الإيمان والصلاح فإنّ الله تعالى لا يتركهم لوحدهم ، وإن كانوا من أعداء الله فلا مسوّغ لأن يتعب الإنسان نفسه في سبيلهم وخدمتهم.
أجل فإنّ الجهل بهذه الامور يؤدي بالإنسان إلى أن يُسجّل اسمه في دائرة (التأمين على الحياة له ولأبنائه) وهكذا يتورط بمصيدة طول الأمل.
إن جميع حالات الجهل هذه (جهل الإنسان بنفسه ، جهله بالدنيا ، جهله بقدرة الله
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٠ ، ص ١٦٧.
٢ ـ تصنيف غرر الحكم ، ص ٣١٣.
٣ ـ تحف العقول ، ص ٢٠٧.