الآمال والتمنيات الواسعة في الحياة الدنيا لا يجلب له السعادة أبداً ، بل سيزيده شقاءاً ومحنةً أيضاً ، ويتفكّر أيضاً في أنّ أهم حالات الهدوء والطمأنينة هي هدوء الروح وسعادة الوجدان الّتي لم يحصل عليها الإنسان ، إلّا إذا سار في خطّ التقوى والتوكل على الله من موقع الإيمان به ومعرفة حال الدنيا لا من موقع الحرص والولع في تحصيل نعيمها الفاني وإمكاناتها المادية.
وأنّ أفضل الطرق للوصول لهذا الهدف هو ما ورد في الحديث النبوي المعروف : «خُذْ مِنْ دُنْيَاكَ لِاخِرَتِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ ، وَمِنْ صِحَّتِكَ لِسُقْمِكَ ، فَانّكَ لَا تَدْرِي مَا اسْمُكَ غَداً» (١).
أي ما ذا يحصل لك في الغد وهل أنت من الأموات أم الأحياء ، من المرضى أم الأصحّاء؟
والعامل الآخر الّذي يُربّي الآمال والتمنيات ويقوي جذورها في نفس الإنسان هو الأهواء النفسية والعشق للدنيا والتعلق بها ، فكلّما سعى المرء في التقليل من تعلّقاته الدنيوية فإنّ أمله في الحياة سيكون أقصر ، وعلى العكس من ذلك كلّما تعلّق الإنسان بالدنيا أكثر كلّما ازدادت آماله وكثرت تمنياته.
ولغرض تحصيل هذا الهدف أي تقصير الأمل في الدنيا فإنّ من أقوى العوامل المؤثرة في ذلك هو ذكر الموت الّذي يُزيل عن بصيرة الإنسان حجُب الغفلة فيرى حقائق الامور كما هي ويُشاهد الواقعيات الكامنة خلف المظاهر البراقة والظواهر الزائفة.
ولهذا ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطبة ٩٩ في نهج البلاغة قوله : «الَا فَاذْكُرُوا هَادِمَ اللَّذَّاتِ ، وَمُنَغِّصَ الشَّهَوَاتِ ، وَقَاطِعَ الْامْنِيَّاتِ».
ونقرأ في حديث آخر عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ضمن خطبة له : «عُدَّ نَفْسَكَ فِي اصْحَابِ الْقُبُورِ» (٢). وذلك لكي لا تبتلي بطول الأمل.
ونقرأ في النقطة المقابلة لذلك ما ورد عن أمير المؤمنين أنّه قال : «اكْثَرُ النَّاسِ امَلاً اقَلُّهُمْ
__________________
١ ـ بحارالأنوار ، ج ٧٤ ، ص ١٢٢.
٢ ـ بحارالأنوار ، ج ٧٤ ، ص ١٢٢.