أنّ موسى وهارون كذلك يريدون الدين كوسيلة واداة للتوصل إلى الحكومة والسيطرة.
وهذا المرض الأخلاقي يستمر مع البشر على طول التاريخ إلى أن نصل إلى زمن الإسلام وعصر رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وفي «الآية السابعة» نرى أيضاً أنّ العامل الأساس في انحراف المشركين العرب هو التقليد الأعمى والتعصب لتراث الآباء والأجداد والّذي يوصد أبواب المعرفة من كلّ جانب على أصحاب هذه الصفة الرذيلة فتقول الآية : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا ...)(١).
ولكن القرآن الكريم يجيبهم على هذا التصور الباطل بجواب حاسم وقاطع ويقول : (... أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)(٢).
ويتضح من سياق هذه الآية أنّ هؤلاء المشركين لم يُنكروا على النبي صلىاللهعليهوآله دعوته السماوية وأنّه يتحدّث من قِبل الله تعالى (ما أَنْزَلَ اللهُ) ، ولكنهم كانوا غارقين في مستنقع التعصب والعناد والجهل إلى درجة أنّهم يفضلون دينهم الّذي ورثوه عن الآباء والأجداد على دين الله وهم يعلمون بأن أسلافهم كانوا يعيشون الجهل والضلالة.
وبهذا نجد أنّ الجهل والتعصب يتسبب في أنّ الإنسان يترك بسهولة (ما أَنْزَلَ اللهُ) ويدير له ظهره ويتجه نحو الباطل رغم انه يميز بين الحقّ والباطل من موقع الوضوح في الرؤية.
وتستعرض «الآية الثامنة» قصة الحُديبية حيث يذكر الله تعالى المسلمين بما جرى من حوادث مهمة وأنّ الكفّار رغم رؤيتهم لعلائم حقانيّة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله إلّا أنّهم وبسبب التعصّبات الجاهلية لم يتحرّكوا في خطّ الإيمان ، وكانت هذه الرذيلة الأخلاقية قد منعتهم من سلوك طريق السعادة العظمى فتقول الآية : (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية ١٧٠.
٢ ـ سورة البقرة ، الآية ١٧٠.