ويستفاد جيداً من هذا التعبير أنّ «الخوف» و«الحرص» و«البخل» لا تنسجم مع روح الإيمان ، لأنّ المؤمن يتوكل في جميع اموره على الله تعالى ، ومن كان يملك مثل هذا الأساس المتين في حركة الحياة لا يمكن أن يعيش الخوف ولا البخل ولا الحرص ، لأنّه يعيش الأمل برحمة الله وفضله فلا يتعلق قلبه بشيء من حطام الدنيا.
٢ ـ وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «الْجُبْنُ وَالْحِرْصُ وَالْبُخْلُ غَرَائِزُ سُوءٍ يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللهِ سُبْحَانَهُ» (١).
وهذا الحديث في الحقيقة بيان آخر لما ورد في الحديث السابق حيث يبيّن الجذور الأصلية لهذه الصفات الرذيلة.
٣ ـ وقد نهى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام اتباعه من استشارة الجبناء لأن خوفهم يؤثر في صياغة الرأي ويبعده عن جادة الصواب : «لَا تُشْرِكَنَّ فِي رَأْيِكَ جَبَاناً يُضَعِّفُكَ عَنِ الْامْرِ وَيُعَظِّمُ عَلَيْكَ مَا لَيْسَ بِعَظِيمٍ» (٢).
ونفس هذا المعنى ورد في عهد الإمام لمالك الاشتر بشكل آخر حيث نهى الإمام علي مالك الاشتر عن مشورة البخلاء والجبناء والحريصين.
٤ ـ وهذا الموضوع إلى درجة من الأهمية بحيث إن رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر بعدم اشتراك الأفراد الجبناء في أي جهاد ضدّ المشركين لئلّا يُضعفوا معنويات الآخرين ، فقال : «مَنْ احَسَّ مِنْ نَفْسِهِ جُبناً فَلَا يَغْزُ».
٥ ـ وفي حديث آخر عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام يوضّح الحديث أعلاه ويقول بصراحة : «لَا يَحِلُّ لِلْجَبَانِ انْ يَغْزُو ، لِانَّهُ يَنْهَزِمُ سَريِعاً وَلَكِنْ لِيَنْظُرَ مَا كَانَ يُرِيدُ انْ يَغْزُوَ بِهِ فَلْيُجَهِّز بِهِ غَيْرَهُ» (٣).
__________________
١ ـ غرر الحكم ، ح ١٠٠٩٠.
٢ ـ غرر الحكم ، ح ١٠٣٤٩.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٩٧ ، ص ٤٩.