للشجاعة والشهامة في واقع الإنسان تجاه التحدّيات الصعبة ، وتتجلّى كذلك الآثار السلبية لرذيلة الخوف والجبن أيضاً.
إن كلّ مزارع يحتمل الجفاف والأمراض الزراعية الّتي تصيب مزرعته ، وكلّ تاجر يحتمل تغيّر الأسعار وتحوّل أوضاع السوق ، وكلّ مسافر يحتمل وقوع الحوادث الخطرة في الطريق ، وفي كلّ عملية جراحية يُحتمل وجود الخطر ، فإذا عملت هذه الاحتمالات على منع الإنسان من القيام بشاطاته الحياتية فلا بدّ أن يجلس الإنسان جانباً ولا يقدم على أي عمل من الأعمال بل ينتظر الموت فقط.
ومن المعلوم أنّ الإنسان في مثل هذه الموارد يجب أن يتوقع الأخطار الجدّية ثمّ يضع لها ما يقابلها من العلاجات والحلول ويتجنّب التهوّر وإلقاء نفسه بالتهلكة ، ولكن في نفس الوقت لا ينبغي للاحتمالات الموهومة واللامعقولة الّتي تكتنف العمل دائماً أن تكون مانعة له من الإقدام على سلوك هذا الطريق.
وهذا هو أفضل تعريف لمسألة الشجاعة بعنوانها صفة من الصفات الأخلاقية الفاضلة ، والخوف بعنوانه من الصفات الأخلاقية الرذيلة.
وقد ورد في الحديث الشريف عن الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام في تعريف الجبن قوله : «الْجُرْأَةُ عَلَى الصَّديِقِ وَالنُّكُولُ عَنِ الْعَدُوّ» (١).
ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام أنّه قال في جوابه على سؤال عن الشجاعة : «مُوَافِقَةُ الْاقْرَانِ وَالصَّبْرُ عِنْدَ الطَّعَانِ» (٢).
القرآن الكريم يقول أيضاً في إحدى آياته : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٣).
ويقول في مكان آخر في وصف المؤمنين : (... أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ...)(٤) ولا يخالجهم
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ، ج ١ ، ص ٣٧٠ ؛ تحف العقول ، كلمات الإمام المجتبى عليهالسلام ، ح ١.
٢ ـ ميزان الحكمة ، ج ٢ ، ص ١٤١٢.
٣ ـ سورة البقرة ، الآية ١٩٥.
٤ ـ سورة الفتح ، الآية ٢٩.