ويتبين من الأحاديث المذكورة آنفاً وكذلك الآيات والروايات الكثيرة في هذا الباب أهمية هذه الفضيلة الأخلاقية وقيمتها من بين القيم الإنسانية الرفيعة الّتي يراها الإسلام في مجمل تعاليمه الأخلاقية والإنسانية.
وممّا يجدر ذكره هو أنّ (الشجاعة) لها معنىً واسع وتمتد لمساحات شاسعة من السلوكيات الإنسانية ، والشجاعة في ميدان الحرب والقتال هو أحد فروعها ومصاديقها ، ومنها الشجاعة في ميدان السياسة ، وفي المسائل العلمية وإبداع النظريات الجديدة المنطقية والاختراعات العلمية ، والشجاعة في مقام القضاء والحكم وأمثال ذلك ، فكلّ واحدٍ منها يعد من فروع هذه الشجرة الأخلاقية والصفة الكريمة للإنسان ، ولذلك نقرأ في بعض الروايات «الصَّبْرُ شَجَاعَةٌ» (١).
وورد في حديث آخر عن الإمام علي عليهالسلام قوله : «اشْجَعَ النَّاسِ اسْخَاهُمْ» (٢).
ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام قوله : «لَوْ تَمَيَّزَتِ الْاشْيَاءُ لَكَانَ الصِّدْقُ مَعَ الشَّجَاعَةِ وَكَانَ الْجُبْنُ مَعَ الْكِذْبِ» (٣).
فهذه الأحاديث الشريفة تقرر في كلّ واحد منهما فرعاً من فروع الشجاعة الّتي تندرج تحت المفهوم العام لهذه الكلمة.
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الحكمة ٤.
٢ ـ غرر الحكم ، ح ٢٨٩٩.
٣ ـ شرح غرر الحكم ، ج ٥ ، ص ١١٨ ، ح ٧٥٩٧.