وبالاعتماد على لطف الله وعلمه وقدرته المطلقة منتصراً وناجحاً في حياته الفردية والاجتماعية ، وحتّى أنّه لو اصيب بالفشل أحياناً فإنّ ذلك لا يفرض عليه اليأس والقنوط. وعند ما يتجلّى مفهوم التوكل بمعناه الصحيح في واقع الإنسان وعلى سلوكياته فإنّ ذلك من شأنه أن يثير الأمل في القلب ويبعث على تقوية الإرادة وتحكيم دعائم المقاومة والشجاعة.
إنّ مسألة التوكل لها دورٌ مهم في حياة الأنبياء الإلهيين ، فعند ما نستعرض الآيات القرآنية في هذا الباب نجدها تشير إلى أنّ هؤلاء الأنبياء واجهوا سلسلة الحوادث والمشكلات المدمّرة والعظيمة بسلاح التوكل على الله ، وكانت أحد الأسباب المهمة لانتصارهم وتغلّبهم على هذه المشكلات هو كونهم يتمتعون بهذه الفضيلة الأخلاقية.
وبهذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم لنستوحي من آياته دروساً من سيرة الأنبياء الإلهيين في مسألة التوكل ودورها المهم في حياتهم العملية وذلك بالترتيب :
(نبدأ من نوح عليهالسلام وننتهي إلى نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله).
١ ـ (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ)(١).
٢ ـ (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ)(٢).
٣ ـ (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)(٣).
٤ ـ (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)(٤).
__________________
١ ـ سورة يونس ، الآية ٧١.
٢ ـ سورة هود ، الآية ٥٦.
٣ ـ سورة إبراهيم ، الآية ٣٧.
٤ ـ سورة هود ، الآية ٨٨.