الآخرين ويمارسون حالة التعري والتلفظ بالألفاظ الموهنة والركيكة ويتحدّثون بالكلمات القبيحة في ما بينهم ويقومون بأعمال وقحة وممارسات قبيحة يخجل القلم عن ذكرها.
قوم لوط هؤلاء كانوا قد غرقوا في مستنقع الشهوة إلى درجة أنّهم أخذوا يستهزئون بالقيم الأخلاقية والمثل الإنسانية ، ولهذا السبب فعند ما سمعوا كلام لوط تعجبوا من ذلك وأنكروا عليه هذا التوبيخ والذنب لأفعالهم وقالوا له كما تقول الآية : (... فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(١).
وبهذا فإنّهم استهزؤا بعذاب الله وسخروا من كلام النبي لوط.
وفي «الآية الرابعة» من الآيات محل البحث نجد إشارة إلى جانب آخر من قصة قوم لوط حيث تتحرك الآية لبيان حادثة الضيوف الإلهيين الّذين نزلوا بمهمة انزال العذاب في قوم لوط وجاءوا على شكل شباب ذي وجوهٍ مليحة وجميلة إلى النبي لوط عليهالسلام الّذي لم يكن يعرفهم ، ولهذا أبدى خوفه وانزعاجه لهذه الضيافة لما يعلم من سوء نية قومه اتجاه الغلمان والشبان فتقول الآية (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ)(٢).
وفي هذه الاثناء تسامع قوم لوط بالخبر فأرادوا السوء بهؤلاء الضيوف الكرام : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ ...)(٣).
فلمّا رأى لوط ذلك منهم تألم بشدة لهذا الموقف المخزي من قومه تجاه ضيوفه وأراد التخلص منهم بشتى الطرق ، ومنها انه عرض على هؤلاء الأشرار وبايثار عجيب بناته ليتم الحجّة عليهم ويكفوا عن ممارساتهم الشنيعة : (قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ
__________________
١ ـ سورة العنكبوت ، الآية ٢٩.
٢ ـ سورة هود ، الآية ٧٧.
٣ ـ سورة هود ، الآية ٧٨.