بهذه المراحل الثلاثة الشديدة يبين غضب الله تعالى على هؤلاء القوم الظالمين.
«الآية السادسة» والأخيرة في هذه الآيات وضمن الإشارة الموجزة إلى قصة قوم لوط من بدايتها إلى منتهاها تقول : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)(١).
أجل ، فإنكم تأتون الذكور لاشباع غريزتكم الجنسية دون النساء ، ولذلك فأنتم منحرفون عن السبيل القويم لأنكم تركتم القوانين والمقررات الطبيعية والسنن الإلهية لاشباع الغريزة وسلكتم مسلك الإنحراف والزيغ الّذي من شأنه أن يؤدي إلى انقطاع النسل واشاعة أنواع المفاسد الاجتماعية والأمراض التناسلية ، ورغم أن مرض «الايدز» الموحش يعتبر أحد الأمراض العصرية الّذي اكتشف مؤخراً ، ولكن لا يبعد أن يكون هذا المرض موجوداً من ذلك الزمان أيضاً وقد اصيب به بعض هؤلاء الأشرار من قوم لوط ، ولهذا السبب فإنّ الله تعالى بحكمته ورحمته قد دفن أجسادهم تحت كثبان الرمل والحجارة ليكون ذلك عبرة للآخرين من جهة ، ونعمة للناس من جهة اخرى لمنع انتشار وسراية هذا المرض إلى أنحاء اخرى من المعمورة.
وعلى أي حال فإنّ هؤلاء القوم المجرمين كانوا على درجة من الوقاحة وعدم الحياء بحيث أنّهم مضافاً إلى عدم اصغائهم لكلمات لوط عليهالسلام ، أرادوا إخراجه مع أهله من مدينتهم بتهمة الطهر والنقاء حيث تتحدّث الآية القرآنية في هذا السياق عن موقفهم المخزي هذا وتقول : (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ)(٢).
ولكن الله تعالى يحكي لنا عاقبة قوم لوط هؤلاء ومصير نبيّهم الكريم حيث يقول : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ* وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ
__________________
١ ـ سورة الأعراف ، الآية ٨٠.
٢ ـ سورة الأعراف ، الآية ٨٢.