بالخطيئة ، لأن إمكانية التلوث بالشهوات في البيئة الملوثة يكون أكثر ، أي لو كانت أسباب المعصية متوفرة وطرق الإنحراف مفتوحة ووجود الحرية النسبية في ارتكاب الذنوب واتباع الشهوات فإنّ النجاة من التلوث بالخطيئة ولا سيّما للشباب الّذين لا يمتلكون من المعرفة الدينية إلّا القليل سيكون أمراً عسيراً للغاية.
٤ ـ احياء الشخصية المعنوية والإنسانية لأفراد المجتمع يعد من الطرق المهمة للعلاج أو الوقاية من التلوث بالشهوات ، لأنّه عند ما يدرك الإنسان قيمة وجوده واعتباره وشخصيته ويعلم بانه يمثل عصارة الخلقة والغاية العليا بعالم الكائنات وخليفة الله في الأرض فلا يبيع نفسه بسهولة ولا يسلمها إلى عناصر الشهوة وقوى الإنحراف.
يقول أمير المؤمنين عليهالسلام في هذا المجال «مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ» (١) وفي حديث آخر يقول عليهالسلام «مَنْ عَرَفَ شَرَفَ مَعْنَاهُ صَانَهُ عَن دَنَائَةِ شَهْوَتِهِ ...» (٢).
وآخر ما يقال في هذا المجال هو انه لا بدّ من الاهتمام بالطريق العملي ليس للتصدّي إلى الشهوات فحسب بل في جميع موارد مكافحة المفاسد الأخلاقية لدى الفرد والمجتمع ، بمعنى انه كلّما سلك الإنسان طريق مكافحة أهوائه الفاسدة وأخلاقه المنحرفة وسار في الطريق القويم فإنّ هذه القوى والعناصر السلبية ستخف وستندثر في وجوده ونفسه وسوف ينتقل الإنسان في هذا السلوك إلى أن يعيش الحالة النفسية السليمة ، ومن هذه الحالة ينتقل إلى العادة ، ومن العادة ينتقل إلى الملكة حيث تتحول هذه الحالة والعادة إلى ملكة راسخة في نفسه وتكون بمثابة الطبع الكامل له ، وعلى سبيل المثال إذا تحرّك الإنسان البخيل في علاج هذا المرض الأخلاقي نحو البذل والعطاء في دائرة الفعل والعمل ، فإنّ نار البخل ستضعف وتخبو تدريجياً في باطنه إلى أن تنطفىء تماماً.
فإذا تحرّك اتباع الشهوة أيضاً في هذا الطريق وسلكوا مسلك التصدي والمقاومة أمام طغيان الشهوات ، فإنّ هذه الشهوات والقوى المنحرفة الموجودة في باطنهم ستضعف وتخبو
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ٧٨ ، ص ٧١.
٢ ـ غرر الحكم ، ح ٩٠٦٩.