الشكل الآخر من التكبّر إمام الله هو ما نجده من تكبّر إبليس وأتباعه حيث استكبروا ورفضوا إطاعة الله تعالى من موقع الأفضلية لأنفسهم والاعتراض على الحكم الإلهي وأمره حيث قالوا : إنّ إبليس الّذي خلق من النار لا ينبغي له السجود لمخلوق من تراب كما تقول الآية على لسان إبليس : (... لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)(١) ، أو تقول الآية : (... قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(٢).
أجل فإنّ الحجاب العظيم للكبر والغرور قد يصل إلى درجة أن يحجب عقل الإنسان وبصيرته عن رؤية حقائق الامور وأنّه موجود ضعيف فيرى انه أعلم من الله تعالى.
القسم الآخر للتكبّر هو التكبّر في مقابل الأنبياء والمرسلين الّذين أرسلهم الله تعالى إلى أقوامهم كما نرى هذه الحالة في طوائف المستكبرين من الأقوام السالفة أمام أنبيائهم اذ رفضوا طاعة الأنبياء من موقع التكبّر والغرور وقالوا : (... أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا ...)(٣) أي موسى وهارون ، وتارة كانوا يقولون مثل مقولة قوم نوح عليهالسلام : (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ)(٤).
وتارة اخرى يتذرعون بذرائع طفولية ويقولون من موقع العناد واللجاجة : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا)(٥).
القرآن الكريم يقول في سياق هذه الآيات الشريفة : (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً)(٦).
القسم الثالث من أقسام التكبّر هو التكبر في مقابل عباد الله بحيث يرى نفسه أعلى منهم ويرى الآخرين من موقع الحقارة والدناءة وأنّهم لا قيمة لهم أمامه وبالتالي فلا يرى
__________________
١ ـ سورة الحجر ، الآية ٣٣.
٢ ـ سورة الأعراف ، الآية ١٢.
٣ ـ سورة المؤمنون ، الآية ٤٧.
٤ ـ سورة المؤمنون ، الآية ٣٤.
٥ ـ سورة الفرقان ، الآية ٢١.
٦ ـ المصدر السابق.