ومن جهة اخرى فإنّ البعض يبخلون في الامور المادية ، والبعض الآخر في الامور المعنوية كمن يبخل في بذل العلم والمعرفة ، وبعض الناس يبخلون في الموضوعات المهمة من قبيل بذل الأموال الكثيرة ، في حين أنّ البعض الآخر يبخلون حتّى بالمسائل الجزئية من قبيل السلام ، والبعض قد يبخل في العطاء والانفاق المستحب في حين أنّ هناك من يبخل حتّى في الواجبات مثل أداء الخمس والزكاة ، وبعض البخلاء لا يتحركون في تبرير بخلهم وامساكهم بينما نجد البعض الآخر يتسترون على هذا الامساك والاقتار بالتمسك بعناوين ظاهرية من قبيل عدم الاسراف أو تأمين نفقات الابناء أو الابتعاد عن الرياء والتظاهر أو التشكيك في استحقاق المستحقين وأمثال ذلك.
وعلى هذا فإنّ للبخل فروع متعددة وأشكال مختلفة ، وينبغي على المؤمن المتقي مراقبة جميع هذه الاشكال والحذر منها والتصدي لها بإبعادها عن نفسه والحذر من التلوث بها كيما يحصل على مقام القرب الإلهي والكمال المعنوي في حركة الحياة.
ونجد في الروايات الإسلامية اشارات لطيفة إلى أشكال وفروع البخل هذه ومنها :
١ ـ ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «الْبُخْلُ بِاخْراجِ مَا افْتَرَضَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الامْوَالِ اقْبَحُ البُخلِ» (١).
٢ ـ وورد في حديثٍ آخر أنّ الإمام علي عليهالسلام بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر ... فقال رجل لأمير المؤمنين عليهالسلام : والله ما سألك فلان ولقد كان يجزيه من الخمسة أوساق وسق واحد ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : لاكثّر الله في المؤمنين ضربك ، أعطي أنا وتبخل أنت ...» (٢).
٣ ـ وجاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «انَّ ابْخَلَ النّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلامِ» (٣).
__________________
١ ـ غرر الحكم ، ح ٢٠٣٨.
٢ ـ وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٣١٨ مع التلخيص.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٣ ، ص ٤.