والمتعصبين يستعجلون بالعذاب الإلهي بدلاً من المغفرة والرحمة.
وتتحرّك «الآية الثامنة» من الآيات مورد البحث للكشف عن بعد آخر من أبعاد صفة العجلة لهذا الإنسان وتقول : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ...)(١) ولكن بما أنّ الله تعالى غفور رحيم كريم فإنه لا يسرع في عقاب القوم الفاسقين فلعلّهم ينتبهون من غفلتهم ويسيرون في خطّ التقوى والإيمان والتوبة.
ويضيف القرآن الكريم في ذيل هذه الآية الشريفة (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)(٢) إلى أن يحين وقت مجازاتهم وعقوبتهم.
وعليه فإنّ الله تعالى لا يعمل مثل عملكم ، فانتم تستعجلون باكتساب الخيرات والمنافع ، ولكن الله تعالى لا يُسرع في عقابكم ، لأن المقصود الأصلي لله تعالى ليس هو عقابكم بل غرضه هدايتكم وأنزال الرحمة عليكم.
وطبقاً للآيات القرآنية الاخرى فيحتمل في تفسير هذه الآية أن يكون المراد منها هو أنّ هؤلاء الناس يستعجلون بطلب نزول العذاب الإلهي عليهم كما يستعجلون في طلب الخيرات والمنافع الدنيوية ، ولكن القرآن الكريم يقول لهم : «لو أنّ الله تعالى استجاب لطلبكم في مسألة التسريع بنزول العذاب لم يبق أحداً منكم» (٣) ، ولكنَّ المعنى الأوّل أو التفسير الأوّل للآية ينسجم أكثر مع ظاهرها.
وفي «الآية التاسعة» وضمن الإشارة إلى حالة الاضطراب والقلق لدى الكفّار والمشركين في مقابل وعد الله تعالى للمسلمين بالنصر وهزيمة أعدائهم الكافرين
__________________
١ ـ سورة يونس ، الآية ١١.
٢ ـ سورة يونس ، الآية ١١.
٣ ـ على هذا التفسير فإنّ هناك جملة تقديرية في الآية وهي ، «ولو يعجل الله للناس اجابة دعوتهم بالشر استعجالهم بالخير».