أن يعرض حاله على الله تعالى ويلتجي إليه في هذه المصيبة ويؤدي حقّ الطاعة والعبودية له.
فعند ما اعترض أبناء يعقوب على أبيهم بسبب كثرة البكاء على يوسف وتذكره الدائم قال لهم إنني لا أشكو حالي إلى الناس وإليكم بل (قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(١).
«الآية الثالثة» تتحدّث عن طائفة اخرى من الأنبياء الإلهيين الّذين سلكوا في دعوتهم لأقوامهم وفي مواجهة المشكلات والمصاعب في خطّ الاستقامة والتحمل ، من أجل ذلك فإنّ الله تعالى أغرقهم برحمته وجعلهم في زمرة الصالحين :
(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ)(٢).
أما صبر إسماعيل فواضح ، وذلك بانه أوّلاً : استعد لأن يضحي بنفسه في طاعة الله وامتثال أمره وامتثل لما أمره به أبوه من ذبحه كما أمر الله ، ولكن الله تعالى شملهما بعنايته وأرسل لإبراهيم خروفاً أو كبشاً ليذبحه بدل إسماعيل.
وثانياً : لبقائه في الصحراء المحرقة في منطقة مكّة وإلى جانب بيت الله الحرام كي ما يقوي ويشتد أمر هذا المركز الإلهي ويشيع أمرهُ بين الناس.
وأمّا بالنسبة إلى صبر إدريس فقيل : أنّه أوّل من بُعث من بين قومه يدعوهم إلى عبادة الله تعالى ولكنه بالرغم من ذلك واجه صعوبات كبيرة في هذا السبيل ولم يستجب له أحدٌ من قومه.
وأمّا «ذي الكفل» فإنما سمي بهذا الاسم وصار في زمرة الصابرين الكبار من الأنبياء الإلهيين فبسبب انه كان يعيش في بني إسرائيل ، وكان يحكمهم نبيّاً من الأنبياء ، وفي يوم من الأيّام جاء الوحي إلى ذلك النبي وأخبره بحلول أجله وأنّ عليه أن يسلم مقاليد الحكم إلى
__________________
١ ـ سورة يوسف ، الآية ٨٦.
٢ ـ سورة الأنبياء ، الآية ٨٥.