ومن الواضح أنّ هذا الحديث لا يتنافى مع الأحاديث السابقة ، لأنّه كما تقدّم أنّ المؤمن إذا لم يتمسك بالصبر فإنّ إيمانه سوف يتعرض للاهتزاز والارتباك بسبب الموانع الكثيرة الّتي يجدها في طريقه ، وكذلك لو لم يكن شكوراً على نعم الله تعالى ، فإنّ هذه النعم ستزول وتهرب من يده كما ورد في الآية : «وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ انَّ عَذَابِي لَشَديد».
٥ ـ وفي حديث آخر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «الصَّبْرُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ» (١).
٦ ـ ودليل هذا المعنى ما ورد في حديث آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام يوضح هذا المعنى ويقول «الصَّبْرُ عَوْنٌ عَلى كُلِّ امْرٍ» (٢).
لأنّه كما تعلمون أنّ نظام الحياة في الدين والدنيا يضع أمام كلّ عملٍ مهم بعض الموانع الّتي لا يتجاوزها ولا يعبرها إلّا بالاستعانة بالصبر والاستقامة.
٧ ـ اما بالنسبة للصبر عند المعصية فورد في الحديث الشريف «وَمَنْ صَبَرَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ فَهُوَ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبيلِ اللهِ» (٣).
أجل فكليهما مجاهد في سبيل الله ، مع فارق أنّ أحدهما يجاهد العدو الخارجي «الجهاد الأصغر» والآخر يجاهد العدو الداخلي «الجهاد الأكبر».
٨ ـ وورد في حديثٍ آخر عن أمير المؤمنين قوله : «انْ صَبَرْتَ ادْرَكْتَ بِصَبْرِكَ مَنازِلَ الابْرارِ وَان جَزَعْتَ اوْرَدَكَ جَزَعَكَ عَذابَ النّارِ» (٤).
٩ ـ وعن الإمام الصادق عليهالسلام قال في الصبر في مقابل البلايا والمصائب «مَن ابْتُلي مِنَ المُؤمِنينَ بِبَلاءٍ فَصَبَرَ عَلَيهِ كَان لَهُ مَثلُ اجرِ الْفِ شَهِيدٍ» (٥).
ويقول العلّامة المجلسي بعد ذكر هذا الحديث في الجزء ٦٨ من بحار الأنوار انه كيف يعقل أنّ للصبر مثل هذا الثواب في حين أنّ للشهيد بنفسه أحد الصابرين لانه صبر أمام
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٧ ، ص ١٠٧.
٢ ـ غرر الحكم ، ح ٧٦٥.
٣ ـ جامع الأحاديث الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٢٥٣.
٤ ـ شرح غرر الحكم ، ح ٣٧١٣.
٥ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٩٢.