لَازْهَدُكُم فِي الدُّنيَا» (١).
ويستفاد من هذه الرواية أنّ المصدر الأساس للجزع وعدم الصبر هو الحرص وحبّ الدنيا ، ولأجل أن يخفف الإنسان من شدّة الجزع عليه أن يخفف من حبّه للدنيا وتعلقه بزخارفها.
٦ ـ ونقرأ في حديثٍ آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «انْ تَحْتَسِبُوا وَتَصْبِرُوا تُوجَرُوا ، وَانْ تَجْزَعُوا تَأْثِمُوا وَتُوزَرُوا» (٢).
٧ ـ وفي حديثٍ مختصر وعميق المعنى عن أمير المؤمنين عليهالسلام يقول «مَنْ لَمْ يُنْجِهِ الصَّبْرُ اهْلَكَهُ الْجَزَعُ» (٣).
ونختم هذا البحث بحديث آخر عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بعنوان «مسك الختام» فقد ورد في هذا الحديث أنّ رسول الله كتب إلى بعض أصحابه يعزّيه بابنه : «أما بعد فعظم الله جلّ اسمه لك الأجر والهمك الصبر ... فلا تجمعن أن يحبط جزعك أجرك وأن تندم غداً على ثواب مصيبتك وانك لو قدمت على ثوابها علمت أنّ المصيبة قد قصرت عنها واعلم أنّ الجزع لا يرد فائتاً ولا يدفع حزن قضاء فليذهب أسفك ما هو نازل بك مكان ابنك والسلام» (٤).
وينقل المرحوم المحدّث القمّي في «سفينة البحار» قصة جميلة عن «بزرجمهر» وزير كسرى تتعلق بمسألة الصبر هذه ويقول : «حكي عن بعض التواريخ أنّه سخط كسرى على بزرجمهر ، فحبسه في بيت مظلم وأمر أن يصفّد بالحديد ، فبقي أياماً على تلك الحال ، فأرسل إليه من يسأله عن حاله ، فإذا هو منشرح الصدر مطمئن النفس ، فقالوا له : أنت في هذه الحالة من الضيق ونراك ناعم البال. فقال : اصطنعت ستة أخلاط وعجنتها واستعملتها فهي الّتي ابقتني على ما ترون.
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ١٠٦.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ١٦٩.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٨ ، ص ٩٦.
٤ ـ ميزان الحكمة ، ج ٢ ، ص ١٥٦٣ ، ح ١٠١١٨.