أَنَا عَبْدٌ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ» (١).
وقد سمعنا الحديث المعروف عن الإمام علي أنّه كان لديه يوماً قميصان اشترى أحدهما بأربعة دراهم والآخر بثلاث دراهم ثمّ قال لغلامه قنبر : اختر أحدهما ، فاختار قنبر القميص الّذي قيمته أربعة دراهم وأختار الإمام ما كان بثلاث دراهم (٢).
وجاء في خطبة ١٦٠ من نهج البلاغة أنّ الإمام كان يتحدّث عن نبي الإسلام ويقول :
«وَلَقَدْ كَانَ يَأْكُلُ عَلَى الْارْضِ وَيَجْلِسُ جَلْسَةَ الْعَبْدِ وَيَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ ، وَيَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ وَيَرْكَبُ الْحِمارَ الْعَارِيَ وَيُرْدِفُ خَلْفَهُ».
وطبعاً هذه الامور وبسبب تغير الظروف الزمانية والمكانية لا تُعتبر معمولاً بها في هذا العصر ولا يوصى باتباعها وسلوكها ، ولكن الهدف هو أننا بمطالعة حالات هؤلاء العظام والتوجّه إلى مقامهم السامي نتعلم التواضع من سلوكياتهم ونُبعد بذلك الكبر والغرور عن ذواتنا وأفعالنا.
هذا كلّه من جهة ، ومن جهة اخرى :
بما أنّ التكبّر له أسباب وعلل مختلفة تمت الإشارة سابقاً إلى سبع علل منها ذكرها علماء الأخلاق ، فلأجل إزالة كلّ واحدة من هذه العلل والأسباب هناك طرق وخطوات عملية وعلمية للتغلب عليها ومعالجتها منها :
الأشخاص الّذين يجدون في أنفسهم افتخاراً على الناس بسبب نسبهم وعراقتهم الاسرية يجب أن يتأمّلوا في هذه الحقيقة وهي أوّلاً : إن افتخارهم بكمالات الآخرين من الآباء والأجداد هو عين الجهل ، فلو أنّ الأب كان إنساناً فاضلاً ولكن الابن يفتقد إلى أدنى فضل وكمال فلا ينتقل كمال الأب وفضله إلى الابن ولا يوجد في الابن قيمة مشهودة ، وثانياً : إذا تأمل جيداً وجد أنّ أباه نطفة وجدّه الأعلى تراباً وهذه الامور ليست ذات قيمة
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٦ ص ٢٥٦.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٦ ص ٣١٠.