النفس عنها ليس إلّا لخبث في الباطن فليشتغل بإزالته بالمواظبة عليه مع تذكر جميع ما ذكرناه من المعارف الّتي تزيل داء الكبر.
الامتحان الرابع : أن يحمل حاجة نفسه وحاجة أهله ورفقائه من السوق إلى البيت فإنّ أبت نفسه ذلك فهو كبر أو رياء فإنّ كان يثقل ذلك عليه مع خلو الطريق فهو كبر فإنّ كان يثقل إلّا عند مشاهدة الناس فهو رياء وكل ذلك من أمراض القلب وملله المهلكة له إن لم تتدارك.
أقول ليس كل رياء مذموماً بل قد يكون مستحباً بل واجباً إذ يجب على المؤمن صيانة عرضه وأن لا يفعل ما يعاب عليه فلا يليق بذوي المروات أن يرتكبوا الامور السيئة بأنفسهم عند مشاهدة الناس وإن جاز لهم في الخلوة إلّا أنّ ذلك يختلف باختلاف الأزمنة والبلاد والأشخاص فلا بدّ من مراعاة ذلك ، روي في الكافي عن الصادق عليهالسلام : «أنّه نظر إلى رجل من أهل المدينة قد اشترى لعياله شيئاً وهو يحمله ، فلما رآه الرجل استحى منه ، فقال عليهالسلام : اشتريته لعيالك وحملته إليهم أما والله لو لا أهل المدينة لأحببت أن أشتري لعيالي الشيء ثم أحمله إليهم». أراد عليهالسلام لو لا مخافة أن يعيبوا على ذلك ، مع أنّ جدّه أمير المؤمنين عليهالسلام كان يفعل مثله إلّا أنّه لما لم يعيبوا عليه بمثله في زمانه وفي شأنه جاز له أن يرتكبه وكان منقبة له وتعليماً.
الامتحان الخامس : أن يلبس ثياباً بذلة فإنّ نفور النفس عن ذلك في الملأ رياء وفي الخلو كبر ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ومن اعتقل البعير ولبس الصوف فقد برئ من الكبر» (١).
ولكن لا ينبغي أن يكون الدافع لذلك هو التظاهر بالتواضع فإنّ ذلك بنفسه نوع من الكبر المقترن مع الرياء والشرك الخفي.
ونكرر مرةً اخرى بأن هذه الامور تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والاشخاص. ولا بدّ من الأخذ بنظر الاعتبار جميع هذه الظروف والعمل طبق مقتضياتها وما يناسبها من دون التورط في حبائل النفس وخدع الشيطان ، ولذلك ينبغي الاستفادة أيضاً من حكم الآخرين وآرائهم.
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٦ ، ص ٢٦٨ ، ح ٢٧٠ بتلخيص.