٢
التواضع
تنويه :
من الواضح أنّ التواضع يشكل النقطة المقابلة للتكبّر والغرور ، ومن العسير الفصل الكامل بين هذين البحثين ، ولذلك نجد أنّ هذين البحثين متلازمين في الآيات والروايات الإسلامية وكذلك في كلمات علماء الأخلاق ، فإنّ ذم أحدهما يلازم مدح الآخر ، وكذلك العكس فإنّ عملية التمجيد والثناء على التواضع يستلزم كذلك ذم التكبّر ، وهذا من قبيل مدح العلم والثناء على العالم والمتعلم الّذي يقترن دائماً مع ذمّ الجهل وتوبيخ الجاهل.
وعلى كلّ حال فإنّ هذا الكلام لا يعني أنّ بحثنا المتعلق بالتواضع هذا سيكون في زاوية النسيان ونكتفي بذم التكبّر وبيان قبائح وعواقب هذه الصفة الذميمة لا سيّما أن بين التكبّر والتواضع نسبة الضدّين. لا النقيضين أي أنّ التكبّر كما انه صفة وجودية فكذلك التواضع صفة وجودية نفسانية أيضاً ويقعان على الضد من الآخر في واقع الإنسان ونفسه ، وليسا من قبيل الوجود والعدم الّذي يستلزم بالضرورة وجود أحدهما عدم الآخر بالتبع.
وفي الروايات الإسلامية نجد إشارة إلى هذا المعنى أيضاً ومن ذلك قول الإمام علي عليهالسلام : «ضَادُّوا الْكِبْرَ بِالتَّواضُعِ» (١).
__________________
١ ـ تصنيف غرر الحكم ، ح ٥١٤٨ ، ص ٢٤٩ ، وشرح غرر الحكم ، ص ٢٣٢ ، رقم ٥٩٢٠.