والعاطفي بين الأفراد ، وهذا التعاون والتكاتف لا يكون إلّا بأن يكون المدير والمدبّر والقائم على امور المجتمع لا يتعامل مع الأفراد بالضغط والإجبار أو بأن يتباهى ويتفاخر على الآخرين ويرى نفسه أفضل منهم ، فإنّ المدير الموفق في عمله هو من يعيش حالة الحزم والقاطعية في عين التواضع والمحبة مع الآخرين.
ونقرأ في حديث آخر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : «الَتَّوَاضُعُ لَا يَزِيدُ الْعَبْدَ الّا رَفْعَةً فَتَوَاضَعُوا يَرْفَعْكُمُ اللهُ» (١).
أحياناً يتصور الإنسان أنّ التواضع يقلل من قيمة الشخصية ويصغر شخصية الفرد في نظر الآخرين ، في حين أنّ هذا التصوّر ساذج ومجانب للصواب ، فإننا نرى أنّ الأشخاص المتواضعين في المجتمع يتمتعون بالاحترام البالغ من قِبل الآخرين ، وتواضعهم لا يزيدهم إلّا احتراماً وعزّة في نفوس الناس.
ويُستفاد من الأحاديث الإسلامية انّ التواضع شرط في قبول العبادات والطاعات ومن ذلك ما ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «الَتَّوَاضُعُ اصْلُ كُلِّ خَيْرٍ نَفِيسٍ وَمَرْتَبَةٌ رَفِيعَةٌ ... وَمَنْ تَوَاضَعَ للهِ شَرَّفَهُ اللهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ ... وَلَيْسَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَةٌ يَقْبَلُهَا وَيَرْضَيها الّا وَبَابُهَا التَّوَاضُعُ ، وَلَا يَعْرِفُ مَا فِي مَعْنى حَقِيقَةِ التَّوَاضُعِ الَّا الْمُقَرَّبُونَ الْمُسْتَقِلِّينَ بِوَحْدَانِيَّتِهِ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعِبَادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْارْضِ هَوْناً وَاذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً» (٢).
ونختم هذا البحث بحديث عن السيّد المسيح عليهالسلام حيث قال : «بِالتَّوَاضُعِ تَعْمُرُ الْحِكْمَةَ لَا بِالتَّكَبُّرِ ، كَذَلِكَ فِي السَّهْلِ يَنْبُتُ الزَّرْعَ لَا فِي الْجَبَلِ» (٣).
والخلاصة أنّ التواضع في حركة الحياة العلمية والثقافية يؤثر إيجابياً في حياة الإنسان (لأنّ الشخص المتكبّر يكون محجوباً عن رؤية حقائق الامور بسبب تكبره) وكذلك يؤثر التواضع تأثيراً إيجابياً في حركة الإنسان الإجتماعية (لأنّ الشخص المتواضع يزيده
__________________
١ ـ كنز العمّال ، ح ٥٧١٩.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٢ ، ص ١٢١.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ٦٢.