ولا يخفى أنّ حقيقة العبادة هي غاية الخضوع امام الله تعالى فالشخص الّذي ذاق حلاوة الخضوع والتواضع مقابل حقيقة الالوهية والذات المقدسة فإنه سيتحلّى أيضاً بالتواضع مع الخلق.
٢ ـ وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام : عليك بالتواضع فانه من اعظم العبادة (١).
٣ ـ وورد عن الإمام الحسن العسكري عليهالسلام : التواضع نعمة لا يحسد عليها (٢).
ومن الطبيعي أنّ كلّ نعمة تصيب الإنسان فإنه سيتعرض في الجهة المقابلة لأذى الحساد حيث تتحرك فيهم عناصر الحسد والكراهية أكثر بحيث يضيق الفضاء على صاحب النعمة ويعيش في حالة من التوتر الّذي يفرزه حالة الحسد في الطرف المقابل ولكن التواضع مستثنى من هذه القاعدة فهو نعمة لا تتغير بحسد الحساد.
ونختم هذا البحث المفصل بحديث آخر عن النبي الأكرم :
٤ ـ «يُبَاهِي اللهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ بِخَمْسَةٍ : بِالْمُجَاهِدِينَ ، وَالْفُقَرَاء ، وَالَّذِينَ يَتَوَاضَعُون للهِ تَعَالَى ، وَالْغَنِيِّ الّذي يُعْطِي الْفُقَرَاءَ وَلَا يَمُنُّ عَلَيْهِمْ ، وَرَجُلٍ يَبْكِي فِي الْخَلْوَةِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» (٣).
وعن ثمرات التواضع ونتائجه الإيجابية وردت روايات كثيرة عن المعصومين نكتفي بذكر نماذج منها :
ففي حديث شريف عن الإمام أمير المؤمنين : «ثَمَرَةُ التَّوَاضُعِ الْمَحَبَّةُ وَثَمَرَةُ الْكِبْرِ الْمَسَبَّةُ» (٤).
وفي حديث آخر عن هذا الإمام أيضاً : «بِخَفْضِ الْجَنَاحِ تَنْتَظِمُ الْامُورَ» (٥).
ومن الواضح أنّ عملية تنظيم امور المجتمع لا تتسنّى إلّا بالتعاون والتكاتف الإجتماعي
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٢ ، ص ١١٩ ، ح ٥.
٢ ـ تحف العقول ، ص ٣٦٣.
٣ ـ مكارم الأخلاق ، ص ٥١.
٤ ـ غرر الحكم ، ح ٤٦١٤ ـ ٤٦١٣.
٥ ـ غرر الحكم ، ح ٤٣٠٢.