موضع آخر : (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) [التغابن : ٩] ، فإذا كانت التقوى يستفاد بها الرزق والبر في الأمور وكفارة الذنوب ، والتجارة لا يكتسب بها إلا منافع الدنيا ، فرغبهم فيما فيه جملة المنافع وهو التقوى ؛ ليمكثوا عند النبي صلىاللهعليهوسلم ، فيقول : رغبتكم فيما يكسبكم جملة المنافع إن اتقيتم ومكثتم عند النبي صلىاللهعليهوسلم خير من اللهو ومن التجارة التي تكسبكم منفعة واحدة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
ليس يقتضي ذكر هذا أن هناك رازقا آخر ؛ ليكون هو خيرهم ، ولكن المعنى من هذا [كالمعنى] في قوله : و (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [المؤمنون : ١٤] و (أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) [هود : ٤٥] ؛ لأنه كان هو خير الرازقين ، وأحسن الخالقين ، وأحكم الحاكمين ؛ لأنه لا يحكم إلا عدلا ، ولا يخلق إلا ما فيه حكمة ؛ فكذلك قوله : (وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
وجائز أن يضاف الرزق والخلق والحكم إلى العبيد مجازا ، فقال : (وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ممن يرزقكم ؛ لأن غيره من الخلق إنما يرزق غيره من رزقه ، ويعدل بحكمه ، ويفعل بتوفيقه وتسديده ، فقال : (وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) الذين يرزقون من رزقه ، والله أعلم.
* * *