من الذين استثنوا ؛ فلا يصعقون ؛ فهم يحملون العرش ؛ فتكون أمكنتهم على أرجاء السموات ، وهو قوله : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها).
وقوله ـ عزوجل ـ (ثَمانِيَةٌ) جائز أن يكون أراد به ثمانية أملاك.
وجائز أن [يكون أراد به](١) ثمانية أصناف من الملائكة ، كما ذكر في التفسير.
وجائز أن يكون هؤلاء الثمانية يهلكون ثم يحيون قبل أن يحيا سائر الخلق ، فيحملون عرش ربنا على أكتافهم ، فإذا بعث الله ـ تعالى ـ الخلائق رأوا العرش على أكتافهم ، والعرش هو سرير الملك.
وجائز أن يكون ذلك من نور ، كما ذكر في الخبر : «أن عين الشمس إذا أرادت أن تطلع فإن جبريل ـ عليهالسلام ـ يأتي العرش ، فيأخذ كفّا من ضيائه ، ثم يلبس الشمس كما يلبس أحدكم قميصه ، وإذا أراد القمر أن يطلع أخذ جبريل ـ عليهالسلام ـ كفّا من نور العرش ، فيلبس القمر كما يلبس أحدكم قميصه» ، فجائز أن يكون العرش من الضياء والنور.
ثم أجل الأشياء وأعظمها في أعين الخلق الضياء والنور ، وإليهما ينتهي الرغب ؛ فيكون في ذكر العرش ذكر عظيم عرش الرب وملكه جل جلاله.
ثم إن كل ملك في الشاهد يتخذ لنفسه عرشا ، يتفاوت ذلك على مقدار ملكهم وسلطانهم لا ليجعل ذلك مسكنا لنفسه ، فإذا لم يتوهم من الخلق أنهم يتخذون ذلك لمقاعدهم ومجالسهم فلأن لا يتوهم ذلك من الله أولى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) [أي : تعرضون على أعمالكم فلا تخفى عليكم خافية](٢) ، أي : يظهر لكم في ذلك اليوم ، ويصير بارزا فى ذلك اليوم ، كما قال ـ تعالى ـ : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق : ٩] أي : تظهر لهم سرائرهم حتى يعرفوها ، ولا يخفى عليهم شيء منها.
وجائز أن [يكون قوله](٣) : (لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) أي : على الله ـ تعالى ـ ولكن كل (٤) من ادعى إخفاء شيء من أمره على الله ـ تعالى ـ وظن أن الله ـ تعالى ـ لا يطلع عليه ، فسيعلم في ذلك اليوم أنه لا تخفى عليه خافية ، وهو كقوله ـ تعالى ـ (لِمَنِ الْمُلْكُ
__________________
(١) في أ : يكونوا.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : يقول.
(٤) في ب : على.