وجائز أن يكون ذكر [انفطارها وانشقاقها وانفتاحها ؛ تهويلا للخلق من الوجه الذي ذكرنا فيما قبل.
وجائز أن تكون للسماوات أبواب ، فتفتح أبوابها ؛ فيكون](١) انشقاقها وانفطارها فتح أبوابها.
وجائز أن يكون الشق ليس فتح الأبواب ؛ لأنه ذكر هذا في موضع التهويل ، وليس في فتح أبوابها كثير تهويل.
وقوله : (فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) أي : ضعيفة مسترخية.
وقيل (٢) : الوهي : الخرق ، وهو يحتمل ؛ لأنها إذا انشقت انخرقت.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) الأرجاء (٣) : النواحي والأطراف ، وهي أطراف السموات ونواحيها ، وواحد الأرجاء : رجا ، مقصور.
والملك أريد به الملائكة ، أخبر أنهم على أطراف السموات ونواحيها ، فيحتمل أنهم وكلوا وامتحنوا بها وبحفظها بعد الشق ؛ لئلا تسقط على أهل الأرض.
وجائز أن يجعل أطرافها وجوانبها لبعض الملائكة ، فتفتح أبواب السماء فتنزل الملائكة الذين كان مسكنهم عندها إلى الأرض ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) [الفرقان : ٢٥] ويبقى الملائكة الذين كان مسكنهم في أرجائها ينتظرون أمر ربهم.
ثم الملك ليس يحتاج إلى مكان يقر فيه وإن جعلت السماء مسكنا لهم ؛ لأن الملائكة ينزلون من السماء إلى الأرض ، ويقرون على الهواء من غير أن يكون [في الهواء مقر](٤).
والثالث : يبين أنها لا تتفرق كل التفرق ، ولكن وسطها ينشق لما ذكرنا ، والباقي بحاله.
ويحتمل : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) على ما يمرّ به في السماء ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) فيحتمل أن يكون الملائكة في النفخة (٥) الأولى يصعقون إلا الثمانية الذين يحملون العرش كما قال : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) [الزمر : ٦٨] ، فيكون هؤلاء الثمانية
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) قاله ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٠٨).
(٣) في ب : والأرجاء.
(٤) سقط في ب.
(٥) في أ : بالنفحة.