وقوله ـ تعالى ـ : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ).
قال بعضهم : تمنى الرجعة ؛ لما رأى من الهلاك والعذاب حيث ترك (١) الحقوق.
وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : «لو كان ثمة خير لما تمنى الكرّة».
ولكن المعنى في ذلك عندنا ـ والله أعلم ـ أنه يتمنى الرجوع ؛ ليتصدق ليس الإنفاق خاصة ، ولكن ليتصدق ، وليكون من الصالحين ، أي : من الموحدين ، وذلك مستقيم أن يقال إذا ترك التوحيد فنزل به الموت : إنه يتمنى الرجوع ؛ لما يرى (٢) من الهلاك والعقوبة.
ويجوز أن يكون المعنى في هذا إن كانت الآية في المؤمنين الموحدين : أنهم يتمنون الرجوع ؛ حياء من ربهم ؛ لما ارتكبوا (٣) من الزلات وتركوا ما يستوجبون (٤) به الحسنات ، وقصروا فيما فرض الله عليهم من العبادات ، وحق على كل مؤمن أن يستحي من ربه إذا لقيه بما ترك من حقوقه التي ألزمها عليه والأسباب الواجبة.
وقوله : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها ..). الآية.
ليس يحتمل تأخير الله تعالى أجله إذا جاء ؛ لأنه لو أخره ، دل على أنه بدا له في أجله ، ومن بدا له في أمر فذلك دليل الجهل بالعواقب ، ولا يوصف [رب](٥) العالمين بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
أي : لا يخفى عليه شيء من أعمالكم : سركم وعلانيتكم ، والله أعلم [بحقيقة ما أراد ، والحمد لله رب العالمين](٦).
* * *
__________________
(١) في أ : تركوا.
(٢) في ب : أرى.
(٣) في أ : لم يرتكب.
(٤) في أ : وترك ما يستوجب.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في ب.