وقواهم ، ولو أرادوا أن يتعرفوا المعنى الذي لذلك المعنى صلحت النطفة على (١) أن ينشئ منها العلقة والمضغة إلى أن أنشأ منها بشرا سويا ، لم يقفوا عليه ، فيعلمون أن من بلغت قدرته هذا هو أحكم الحاكمين.
ولو كان الأمر على ما زعموا : أن لا بعث ، لم يكن هو أحكم الحاكمين ؛ بل كان واحدا من اللاعبين. [وتبين بما](٢) ذكرنا أن الذي بلغت قدرته [ذلك] لا يوصف بالعجز ، ومن زعم أن قدرته لا تنتهي إلى البعث فقد وصف الرب بالعجز ، تعالى الله عما يشركون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) :
فقوله : (أَلَيْسَ) ، في موضع التحقيق والتقرير ، وإن كان خارجا مخرج الاستفهام على ما ذكرنا : أن ما يخرج مخرج الاستفهام من الله تعالى ، فحقه أن نصرفه إلى الوجه الذي يقتضيه ذلك الخطاب أن لو كان من مستفهم (٣) ؛ فمن قال لآخر في الشاهد : أليس الله تعالى بقادر على إحياء الموتى؟ فحقه أن يقول : بلى هو قادر على ذلك ، وكذلك ذكر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال حين تلا هذه الآية : «سبحانك ، فبلى» (٤) فقوله : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ) أي : هو قادر على إحياء الموتى ، والله الموفق.
* * *
__________________
(١) في ب : من.
(٢) في ب : ويتبين ما.
(٣) في ب : يستفهم.
(٤) أخرجه عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير (٣٥٧٣٨) عن قتادة مرسلا ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٧٩).