إن أريد بالإستبرق الديباج الغليظ ـ وبين أن يكون من ديباج رقيق ؛ إذ كل ذلك مما يرغب في مثله ، والله أعلم.
وقيل : عليهم ، أي : أعلى ثيابهم سندس خضر وإستبرق.
وقال بعضهم : عالي أنفسهم ثياب سندس.
ومنهم من صرف السندس إلى اللباس والإستبرق إلى ما بسط ؛ لأن الديباج الغليظ مما لا ترغب الأنفس إلى لبس مثله ؛ فجمع بين ما يلبس وبين ما يفرش ، وبيّن الفعل في أحدهما ، ولم يذكر في الآخر.
ومنهم من قال : (عالِيَهُمْ) هم الولدان يطوفون من أعاليهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) :
بشرهم بالأساور من فضة (١) ؛ لأن الفضة مستحسنة بنفسها ؛ لبياضها ، والذهب استحسانه لقدره وعزته ، ليس لنفسه ؛ لأنه أصفر ، والأعين لا تستحسن (٢) هذا اللون ؛ فجرت البشارة بالفضة لا بالذهب.
وقال بعضهم : يحلى الرجال بأسورة من فضة ؛ على ما أبيح لهم التحلي بخاتم الفضة في الدنيا ، وتحلي النساء بأساور الذهب على ما أبيح لهن التحلي بخاتم الذهب في الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) :
قيل : هو الخمر تطهر من الآفات ومن كل مكروه ، وتطهر قلوبهم من الغل ؛ فيعمل ذلك الشراب في تطهير الظاهر والباطن ، وشراب الدنيا يطهر ظاهر البدن ، وباطن البدن ينجس الشراب.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع» ، فقال يهودي : إن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حاجة أحدهم عرق يفيض من جسده ؛ فتضمر لذلك بطنه».
والأصل أنك قد ترى الطعام الذي يطعمه الإنسان في الدنيا تبقى قوته في البدن حتى يظهر ذلك في كل جارحة من جوارحه ، وكذلك شهوته تبقى فيها ، ثم يخرج الثفل منها والفضل ؛ فجائز أن يرفع الله تعالى عن ذلك الطعام الفضل الذي يزايل البدن ؛ فيكون (٣)
__________________
(١) في ب : الفضة.
(٢) زاد في ب : إلا.
(٣) في ب : ويكون.