ومنهم من ذكر في السلسبيل ، أي : سل سبيلا إلى تلك العين.
وقال قتادة : أي : سلسلة السبيل ، مستعذب ماؤها. وقيل : سلسبيلا : شديد الجرية.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) :
ذكر الولدان لا أن يكون فيها ولاد ؛ ولكنهم أنشئوا ولدانا ، فيخلدون كذلك ، لا يكبرون ، ولا يهرمون.
وجائز أن يكون الولدان ولدان الكفرة الذين ماتوا في الدنيا صغارا ؛ فلا يكون لهم في الجنة آباء ؛ ليرفعوا إلى درجة الآباء ؛ فيجعلهم الله تعالى خدما لأهل الجنة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) :
منهم من يقول : إن الله تعالى شبه حسنهم بحسن اللؤلؤ المنثور ؛ إذ أحسن ما يكون اللؤلؤ إذا كان منثورا ؛ فجائز أن يكون هؤلاء الولدان فضلوا في الحسن على سائر الجواهر التي تكون في الجنة ؛ كما فضل الدر في الدنيا على سائر الجواهر.
ومنهم من يقول : إنهم ما لم يطوفوا فمن رآهم حسبهم لؤلؤا منثورا ، وإذا طافوا ، وتحركوا ، فحينئذ يعلمون أنهم ولدان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) :
قيل : هما اللذان لا نعت لهما ولا وصف.
وقيل (١) : الملك : استئذان الملائكة عليهم ، وملوك الدنيا وإن علت رتبتهم لم يملكوا الاحتجاب من دخول الملائكة عليهم بغير استئذان ، والملك : هو الذي له نفاذ الأمور.
وجائز أن يكون ذكر النعيم والملك الكبير على معنى أنه لا ينقطع عنهم ؛ بل إذا رأيتهم أبدا رأيتهم في نعيم وملك كبير.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ) :
جائز أن يكون أراد بالعالي ما علا من المكان الذي هم فيه ، فيخبر أن في أعلى أماكنهم ثياب خضر من سندس كما هو في المكان الذي أسفل (٢) موضع جلوسهم ؛ لأنهم يكونون على الأرائك والأحجال ؛ فيكون ما تحت الأحجال والأرائك من الأماكن زرابي مبثوثة ؛ ونمارق مصفوفة ، ويكون عاليها كذلك.
فإن كان على هذا ، فلا فرق بين أن يكون فرش ذلك المكان من حرير وديباج غليظ ـ
__________________
(١) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٣٥٨٥٣) ، وعبد بن حميد ، والبيهقي عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٤٨٨) وهو قول سفيان أيضا.
(٢) في ب : سفل.