وقوله ـ عزوجل ـ : (ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون أصله واحدا ، ثم يتشعب منه شعب ثلاث :
وجائز أن يكون في الأصل ذا شعب ثلاث تأتي كل شعبة من ناحية ، ثم تجتمع ، فتصير شيئا واحدا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) :
أي : لا ينتفعون به ما ينتفع بالظل في الدنيا ؛ لأن ظل الدنيا يهرب إليه لدفع الحر ، أو ليسكن فيه ؛ لأن ظل البيت مما يسكن فيه ، وظل الشجر والحيطان ؛ ليأووا (١) إليه ؛ للتروح ، وذلك الظل لا يغني عنهم في الآخرة في دفع الحرارة ولا في غيرها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) :
جائز أن يكونوا هربوا إلى ذلك الظل من اللهب ؛ فيخبر أن ذلك الظل لا يدفع عنهم ، أذى اللهب.
وجائز أن يكون [اللهب](٢) في ذلك الظل ، ويكون كثافة الظل ساترة عما فيها من اللهب ؛ فيخبر أن سترها لا يمنع اللهب عن أن يمسهم إذا انضموا إلى الظل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) مفتوحة [الصاد](٣) :
فالقراءة المعروفة قيل : يراد بالقصر : المعروف المبني باللبن والخشب.
وقيل : يراد بها قصور أهل البادية ، وهي الخيام.
ومن قرأ بالنصب اختلفوا في تأويله :
عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (كَالْقَصْرِ) قصر النخل (٤) ؛ الواحدة : قصرة ، وذلك أن النخلة تقطع قدر ثلاثة أذرع وأقصر وأطول ، يستوقدون بها في الشتاء.
وقال بعضهم (٥) : هو أصل النخل المقطوع المنقعر من الأرض.
وقيل (٦) : هو أعناق النخيل.
وقيل : القصرة : اسم الخشبة التي تقطع عليها اللحوم ، وتكسر العظام ، تكون للقصابين.
__________________
(١) في ب : يأووا.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) أخرجه ابن جرير (٣٥٩٧١) ، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٤٩٥).
(٥) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٣٥٩٧٢ ، ٣٥٩٧٣) ، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٤٩٥).
(٦) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٣٥٩٧٦).