كَالْجَوابِ) [سبأ : ١٣].
وقال بعضهم (١) : قطعوا في الصخور بيوتا ؛ كقوله : (يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) [الحجر : ٨٢] ؛ فيكون في هذا إخبار عن قواهم وشدتهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) :
قال بعضهم : سماه : ذا الأوتاد ، والوتد : الحبل.
وقال بعضهم (٢) : سمي : ذا الأوتاد ؛ لأنه كانت له أوتاد نصبها لتعذيب من غضب عليه.
وقال بعضهم : إنه كان نصب على الطرق أناسا ، على كل طريق إنسانا راصدا وحافظا.
وقيل : أي : ذو قصور وبنيان مشيدة مرفوعة تشبه الجبال ؛ إذ هي أوتاد الأرض.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ. فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) : طغيانهم في البلاد : تمردهم (٣) وعتوهم فيها.
وقوله : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) :
قال بعضهم : عذبهم بسوطهم الذي كانوا به يعذبون الخلق ، ويضربونهم.
وقال أبو بكر الأصم : إن السوط لون من العذاب ؛ فعذب عادا بلون منه ، وعذب ثمود بلون منه ، وفرعون وأتباعه بلون منه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) :
قال أبو بكر الأصم : يرصد عذابه بأعدائه ينتظر به آجالهم ، ثم يوقع بهم العذاب إذا أتى الأجل.
وعندنا : أنه يرصد عليهم [ما عملوا](٤) ، فلا يشتد عليه ، ولا يعزب عنه شيء من علمهم ؛ بل يحفظ عليهم ما استتر منه وما ظهر.
وقيل : أي : لا يجاوزه ظلم ظالم ، ولا يفوته هارب.
ثم لم ينصرف وهم أحد في قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) إلى إتيان (٥) مكان ، فما بال بعض الناس انصرف وهمهم في قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥]
__________________
(١) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٣٧١٤٢ ، ٣٧١٤٣) ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٨٣).
(٢) قاله الحسن أخرجه ابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٨٤) وهو قول سعيد بن جبير أيضا.
(٣) في ب : وتمردهم.
(٤) في ب : فاعملوا.
(٥) في أ : إيثار.