أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) مجازاة له.
فهذا وإن لم يكن في فعله في القصة استعمال اليدين ، فيجوز أنه كان يصرف الناس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده ، أو حين دعى إلى الإيمان بالله ـ تعالى ـ مد يديه على التعجب من ذلك ، وقال : «ألهذا دعوتنا؟» فرد الله ـ تعالى ـ عليه ذلك ، وعيره به.
وقد يجوز أن يظهر في الجواب مقدمة السؤال وإن لم يذكر ذلك في السؤال ؛ ألا ترى إلى قوله ـ تعالى ـ : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) [البقرة : ٢٢٢] ؛ فعلم بذلك أن السؤال إنما كان عن قربانهن في المحيض ؛ فكذلك الأول.
وإن كان ذكر اليد على الصلة ، فهو يخرج على وجهين :
أحدهما : ذكر اليد كناية عن العمل والفعل ، إلا أنه ذكر اليد ؛ لما باليد يقوم ويعمل ؛ كقوله تعالى : (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) [آل عمران : ١٨٢] ، و (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠] ، وذلك على الكناية عما كان منه من الصنيع ، أي (١) : خسرت أعماله (٢) وبطلت.
والثاني : يذكر اليد على إرادة : قدام وأمام ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : ٤٢] ، أي : أمامه وخلفه ؛ فيكون معناه : ما قدم من الأعمال ، والله أعلم.
ثم تخصيص أبي لهب بالذكر من بين سائر الكفرة يحتمل وجوها :
أحدها : خصه بالاسم ؛ لأنه كان من الفراعنة والأكابر ، وهو المقصود به ، والفراعنة قد يذكرون بأسمائهم ؛ لما هم المقصودون به ، وإن كان من دونهم يشاركونهم في ذلك ؛ كذكر فرعون ، وعاد ، وثمود ، وغيرهم.
والثاني : كان شديد الهيبة والخوف ؛ فذكره باسمه ، وخصه به ؛ ليعلم أن محمدا صلىاللهعليهوسلم لا يهابه ، ولا يخافه ، والله أعلم.
والثالث : أنه كثير الأيادي والصنائع بحق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلو كان الخطاب بهذا يعم الكفرة ، لكان يظن بما سبق منه من الأيادي أنه غير داخل تحت الخطاب ؛ فخصه بالذكر ؛ ليعلم أنه لا يغنيه من الله شيء.
ثم ذكره بالكنية يخرج على وجوه :
__________________
(١) في أ : أو.
(٢) في ب : أعمالهم.