لعصا موسى ـ عليهالسلام ـ وأن هذا في كونه آية (١) أعظم مما فعل موسى عليهالسلام ؛ لأن ذلك يتنوع بتنوع ما له الفعل والعمل من حيث الجوهر والطبع من حيث مرأى العين ؛ فإنه ثعبان يلقف ما صنعوا. فأما إبطال السحر وعمله بتلاوة القرآن لا يكون إلا باللطف من الله تعالى ، والله أعلم.
ثم الأصل في هذا عندنا : أنه قد ثبت الأمر بالتعوذ بقوله : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) ، وقد بينا حق الاشتراك فيما يتضمن هذا الأمر إن كان على نازلة في واحد ، أو على ابتداء التعليم ، فهو أمر فيه رجاء للفرج والمخرج من الأمور الضارة بما يعتصم فيها بالله ـ تعالى ـ بما عنده من اللطائف ؛ فجائز تمكينه من أمور ضارة باللطف من حيث لا يعلم البشر مأتاه ، ولعل الذي يعمل به لا يعلم حقيقة ذلك العمل الذي جعل الله لذلك العمل إلا بما سبق من وقوع ذلك ، وقد يجوز الأمر والنهي بأشياء بعينها (٢) من الأفعال ؛ لمكان (٣) ما يتولد عنها من المنافع والمضار باللطف من حيث لا فعل في حقيقة ذلك للخلق ؛ وإنما ذلك لطف من الله ـ تعالى ـ نحو ما نهى عن أكل أشياء ، وأمر بها ، مما بها (٤) الاعتداء والقتل ، من غير أن نعلم حقيقة وصول ذلك إلى ما يعدو أو يقتل وأي حكمة في ذلك ومعنى له؟.
وكذلك الموضوع من المناكح لطلب الولد وسقي الأشجار [والزروع بما يحدث الله فيها ، وإن كان وجه العمل بالمأمور به ، والمنهي عنه ، وحقيقته بغير الذي له ذلك. وعلى ذلك الأمر بالاستماع](٥) ، والنظر لما يلقى إليه ويراه ، وإن لم يكن حقيقة الإدراك فعله.
وعلى ذلك التقدير جائز أن يكون الله ـ تعالى ـ يجعل النفث بالعزائم ، أو بأنواع السحر ، أو بأنواع الرقى ـ أعمالا في المقصود بها من النفع والضر ، لا يعلم حقيقة الوقوع والمعنى الموضوع فيه له من فيه ذلك الفعل ، وهو به مأمور ، وعنه منهي ؛ بما له من حقيقة الفعل ، وإن لم يكن النافع به في حقيقة فعله.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (الْفَلَقِ) اختلفوا فيه :
قال بعضهم (٦) : الصبح.
__________________
(١) في ب : أنه.
(٢) في أ : وعنها.
(٣) في ب : بمكان.
(٤) في ب : نها.
(٥) سقط في أ.
(٦) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٣٨٣٥١) وهو قول سعيد بن جبير ، ومجاهد وقتادة وغيرهم.