لحاجة العباد ، وعلى ذلك جرى العمل بهما من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وغيره ، فهو أمر لا يضر الجهل [بالوجه](١) الذي ذكرت. وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : لو علمت أن أحدا أعلم بالقرآن مني وحملتني مطيتي لأتيته. وقد روي عمن ذكر عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يعرض على جبريل ـ عليهالسلام ـ كل عام مرة إلا في العام الذي قبض عرض عليه مرتين ، وقد شهدهما جميعا عبد الله ، فعلّه لم يعرض ما (٢) شاء الله ، وإذا كان كذلك لم يكن هو ممن يسأل في هذا الباب غيره ليثبت عنده السماع بأنهما أثبتتا في المصحف ؛ فبقي قوله بحيث لا نعرف حقيقته ، ووجه آخر أن يكون رآهما منه لكن لم يكتب ؛ لوجهين :
أحدهما : لما لم يكن موضع الكتاب والتدبير ، على ما ذكرنا أن يكون في أول المصاحف ، فكره أن يكتب بتدبيره ، ويتخير له موضعا للكتابة ؛ فلم يكتب كذلك.
والثاني : أنه يكتب ليحفظ (٣) ولا ينسى ، وقد أمن عليهما النسيان ؛ لأنهما بحيث يجب تلاوتهما في أوائل النهار ومبادئ الليل ، وعند النوازل ينفع التعوذ بهما من كل شر وكيد ، على نحو الاستعاذة وأنواع الدعوات المدعوة ، فلما أمن خفاءهما لم يكتب ، وعلى ذلك ترك كتابة فاتحة الكتاب (٤) ، والله أعلم بالصواب (٥).
* * *
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : بما.
(٣) في ب : للحفظ.
(٤) في ب : القرآن.
(٥) ثبت في أ : تمت هذه النسخة الشريفة المقبولة المنسوبة إلى الشيخ العلامة الإمام أبي منصور ماتريدي ، قدس الله سره ، ورضي الله عنه ، وعن جميع من اقتدى بمذهبه وعقائده ، بعون الله الملك الوهّاب ، من يد أضعف العباد : مصطفى بن محمد بن أحمد ، غفر الله له ولوالديه وأقربائه ولجميع المؤمنين والمؤمنات ـ في يوم الأربع ، في شهر رجب المرجب ، لسنة خمس وستين ومائة وألف.
اللهم اغفر لصاحبه وكاتبه ، ولمن حفظ في بيته ، ولمن نظر وقرأ واستفاد منه.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فلله الحمد والمنة.
وثبت في ب : تم كتاب التأويلات بحمد الله ومنّه وحسن توفيقه ، والحمد لله رب العالمين ، وصلاة الله على نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم تسليما ، وذلك في العشر الأول من ذي الحجة سنة ثمانين وخمسمائة.