وسميت بحروف الجارّة لأنها وضعت كأخواتها لأن تجرّ معنى الفعل إلى الاسم ولذا سميت أيضا حروف الإضافة والحروف المفضية لقضية الإضافة والإفضاء.
ومن هنا قال الزمخشري : حروف الجرّ كلها تسمى حروف الإضافة لأنها تضيف معاني الأفعال إلى الأسماء ، فإنك إذا قلت مررت بزيد لا يصل معنى المرور إلى زيد إلا بواسطة الباء التي هي للتعدية.
ومعانيها وإن كانت كثيرة ، بل أنهاها بعضهم إلى أربعة عشر ، وأخر إلى أزيد ، لكن أمّ معانيها والأصل فيها هي الإلصاق ، ولذا قيل : إنّه معنى لا يفارقها ، وبه عللّ اقتصار سيبويه عليه ، لكنّ الحق أنها معان متغايرة تحمل في كل موضع على ما هو الأنسب بها ، وإن كان غير الإلصاق ، ولذا اختلفوا في المقام بعد القطع بعدم كونها له في أنها للمصاحبة أو للاستعانة على قولين :
فعن البعض الأوّل واختاره الزمخشري وأتباعه ، ورجّح بأن التبرك باسمه تعالى أدخل في الأدب من جعله آله ، لتبعية الإله وابتذالها.
وبأنّ باء المصاحبة في نفسها أكثر استعمالا من باء الاستعانة ، لا سيما في المعاني وما يجري مجراها.
وبأن جعله آلة يشعر بأنه غير مقصود لذاته.
وبأنّ ابتداء المشركين باسم آلهتهم كان على وجه التبرك ، فقصد التبرك أدخل في الردّ عليهم.
وبأنّ باء المصاحبة أدلّ على ملابسة أجزاء الفعل لاسم الله تعالى من باء الآلة والاستعانة.
وبأنّ كون اسم الله تعالى آلة للفعل ليس إلّا ـ باعتبار أنه يتوصل إليه ببركته ، فقد رجع إلى معنى التبرك به فليقل به أولا.