بالرجوع إلى الدنيا لالتماس نور الولاية (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ) (١) مدينة العلم والحكمة ، وهو حقيقة النبوة التي ما رعوها حق رعايتها ، وما أجابوها حق إجابتها ، ولهذا السور باب وهو باب مدينة العلم ، وهو باب الأبواب وفصل الخطاب ، وصاحب المبدأ والمآب ، ومن عنده علم الكتاب وهو الذي إليه الإياب ، وعليه الحساب ، الملقب بأبي تراب ، باطنه لمحبيه الرحمة ، وظاهره لمبغضيه من قبله العذاب ، ولذا قال النبي صلى الله وآله في تفسير الآية : «أنا السور وعليّ الباب» (٢).
ثم إن مقتضي البابية هو التصرف والوساطة والولاية المطلقة في جميع الأمور التكوينية والتشريعية ، وفي جميع الفيوض والظاهرية بحيث لا يصل إلى ذرة من ذرأت وجود الشيء من الفيوض الإيجادية والإبقائية ، ومدد من الإمدادات الذاتية والصفاتية إلا بولايته ووساطته وإحاطته ، وهذا هو الذي أشير إليه في الحديث القدسي على ما قيل أنه من تتمة الخبر : «لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولو لا علي لما خلقتك» (٣) أي لو لا علي لم يكن لمدينة علمك وحكمتك التي ينتفع بها جميع العالم حتى آدم ومن دونه باب ينتفع به منها.
ولذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا صاحب اللواء وفي تحتها آدم ومن دونه من الأنبياء ، وعليّ حاملها» (٤).
وإلى هذه الإحاطة والوساطة أشار الحجة عجل الله فرجه الشريف في الدعاء الرجبية بقوله : «أعضاء ، وأشهاد ، ومناة ، وأزواد ، وحفظة ، ورواد» (٥).
__________________
(١) الحديد : ١٣.
(٢) بحار الأنوار : ج ٧ / ٢٢٧ ، ح ١٤٨.
(٣) في بحار الأنوار : ج ١٥ / ٢٨ «لولاك لما خلقت الأفلاك» وفي ينابيع المودة : ج ١ / ٢٤ «لولاك لما خلقت الأفلاك» ، والجملة الثانية غير مذكورة فيهما.
(٤) ينابيع المودة : ج ٢ / ٢٦٣ ، ح ٧٣٧ و «علي حاملها» غير موجود فيه.
(٥) مصباح الكفعمي : ص ٥٢٤.